الاستثمار في المستقبل

ما الذي يتطلبه بناء حركة لاستثمار الأثر في منطقة حيثما لا يزال هذا المفهوم في طور النشوء فيها؟ في هذا التسجيل المباشر الخاص لبودكاست «صياغة العمل الخيري»، يشاركنا نافذ دقاق، الشريك الإداري لمنظمة «أنارا إمباكت كابيتال»، قصة إطلاق صندوق رائد بقيمة 50 مليون دولار أمريكي لدعم الشركات الناشئة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي يركز على التعلم والمناخ والرفاه. وتعد منظمة «أنارا إمباكت كابيتال»، المرتكزة على مؤسسة «الفنار فينتشر للأعمال الخيرية»، أول صندوق لاستثمار الأثر من نوعه مدعوم إقليمياً.

تبدأ الحلقة بتأمل شخصي حول نشأته في فلسطين المحتلة، وقرار دقاق بالانتقال من علم الأعصاب إلى دراسة الاقتصاد في جامعة «ييل». ويقول: "أدركت أنه إذا أصبحت جراح أعصاب، فسأنقذ شخصاً واحداً في كل مرة، ولكن إذا كان بإمكاني فعل شيء على المستوى المجتمعي، فسيكون ذلك أكثر أهمية بكثير".

وفي حديثه إلى جمهور من الممارسين والمستشارين ورواد الأعمال وموظفي المؤسسات والعاملين في المجال الإنساني في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، أوضح دقاق استراتيجية الاستثمار لمنظمة «أنارا إمباكت كابيتال»، وأهمية العمل عن كثب مع المؤسسين لمساعدتهم على التوسع إقليمياً وخارجه. وقال: "أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل هي صنعه".

وأضاف قائلاً: "أعتقد أن رأس المال الاستثماري رائع، ولكنني أعتقد أننا بحاجة إلى أن نكون أكثر تعمداً بشأن القطاعات التي ستدعم جودة الحياة في منطقتنا؛ ولهذا السبب، فإن اتباع نهج مدفوع بالأثر ومركزاً على هذه القطاعات الثلاثة — التعلم والمناخ والرفاه — هو أمر منطقي للغاية بالنسبة لي".

مع إقراراه بنمو مشهد رأس المال الاستثماري في المنطقة، إلا أنه سلط الضوء على أن 5٪ فقط من التمويل يذهب حالياً إلى التعلم والمناخ والرفاه — مقارنة بـ 20٪ على مستوى العالم.

ومستفيداً من تجربته في مؤسسة «الملكة رانيا» في الأردن، حيث قاد إنشاء منصة «إدراك» التعليمية الشهيرة، تحدث دقاق بشغف عن أهمية الارتقاء بالمعايير الأدبية (وليس الإحصاءات فقط).

كما أعرب عن أسفه لتركيز عالم التنمية على الحلول "المثيرة"، مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا للفصول الدراسية، مستشهداً بتقرير للبنك الدولي يشير إلى أن 6 من كل 10 أطفال في العالم العربي لا يستطيعون القراءة من أجل الفهم.

وقال: "أعتقد أن هذه ربما تكون أهم مشكلة تواجهها المنطقة اليوم، لأننا نتعلم القراءة، ثم نقرأ لنتعلم، وإذا كان أطفالنا لا يستطيعون القراءة ليتعلموا، فماذا بعد؟".

ستكون منظمة «أنارا إمباكت كابيتال» هي أول صندوق استثماري مدعوم إقليمياً يقدم دعماً للشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومن بين الممولين هنالك منظمة «دارا القابضة»، والمكتب العائلي لسيدة الأعمال السعودية لبنى العليان، والعديد من المسؤولين الآخرين في العائلة. وسيوفر بنك تنمية أوروبي تمويلاً للخسائر الأولي.

وقال دقاق إنه كان من الصعب إقناع الممولين الإقليميين بدعم منظمة «أنارا إمباكت كابيتال»، نظراً لقلة الإلمام بنماذج صناديق استثمار الأثر، وكذلك "الحواجز الثقافية" المحيطة بالحديث علناً عن الأثر.

لكنه أعرب عن أمله بأن يشعر الناس براحة أكبر للتقدم بطلباتهم بمجرد وصول الصندوق إلى الإغلاق الأول. وأوضح قائلا: " إننا نحاول إنشاء حركة وبدء شيء جديد — وهذا لن يحدث ما لم نتمكن من مشاركة هذه القصص".

كما تطرق إلى الانسحاب الأخير لتمويل «الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية»، واصفاً إياه بأنه مؤلم على المدى القصير، ولكنه قد يكون مفيداً على المدى الطويل. وقال: "آمل أن يخلق انسحابهم حلولاً أكثر استدامة، ومحلية، ومتوافقة ثقافياً".

في الختام، أكد دقاق أن استثمار الأثر ليس حلا سحرياً. وشدد بأنه "ستكون هناك دائماً حاجة للعمل الخيري. وأنه لا يطلب من رائد أعمال أن يأتي ويكتشف حل رأسمالي قائم على السوق للمجاعة في السودان — فهذا يتطلب مساعدات إنسانية مباشرة".