كانت الوظائف الخضراء، والزراعة المقاومة لتغير المناخ، وحماية المحيطات، وتثقيف الجيل القادم من بين القضايا التي تم بحثها خلال جلسة النقاش الرفيعة المستوى التي عقدت في منتدى الأعمال التجارية والخيرية للمناخ الذي تم تنظيمه ضمن فعاليات مؤتمر الأطراف (COP28) في دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً.
وقد شارك في الجلسة رجل الأعمال ورائد العطاء الإماراتي عبد العزيز الغرير، رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالله الغرير، إلى جانب بيل غيتس، الرئيس المشارك لمؤسسة بيل وميليندا غيتس، ورائدة العطاء الجنوب أفريقية بريشوس مولوي موتسيبي، وراي داليو، مؤسس مؤسسة داليو الخيرية، وأدارت الجلسة ريما المقرب، الرئيس المشارك لمنتدى "أفكار أبوظبي" ورئيس مجلس إدارة "تمكين"، وهي منصة لقيادة الفكر في دولة الإمارات العربية المتحدة تشرف عليها شركة تمكين، بالتعاون مع معهد آسبن.
وفي تقديمه للمشاركين في الجلسة، وصف بدر جعفر، رئيس منتدى الأعمال التجارية والخيرية للمناخ والممثل الخاص للأعمال التجارية والخيرية في مؤتمر الأطراف (COP28) العمل الخيري من أجل المناخ بأنه "حلقة الوصل التي تربط بين الأعمال والحكومات والمجتمع المدني وتوحّد صفوفهم" في المسار نحو تحقيق هدف صافي انبعاثات صفرية.
وشدد جعفر خلال الفعالية التي أقيمت في المنطقة الخضراء على الخصائص الفريدة لرأس المال الخيري، قائلاً أن "الأموال الخيرية أكثر مرونة وتحملاً للمخاطر وأكثر صبراً مقارنة بغيرها من أشكال التمويل. وعندما يتم توزيعها بشكل استراتيجي للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالاستثمارات اللاحقة، فإنها تصبح قادرة على تحقيق تأثير مضاعف وإطلاق العنان لتجمعات أكبر بكثير من رؤوس الأموال".
وتناول الحوار الذي أعقب ذلك دور العمل الخيري في مكافحة تغير المناخ وكيف يمكن استخدامه لتعزيز النمو الأخضر ورأس المال البشري، وتسريع وصقل البحث والتطوير لحماية النظم الغذائية والبيئة الطبيعية المحيطة بنا.
"الأموال الخيرية أكثر مرونة وتحملاً للمخاطر وأكثر صبراً مقارنة بغيرها من أشكال التمويل".
بدر جعفر، الممثل الخاص للأعمال التجارية والخيرية في مؤتمر الأطراف (COP28)
وقال بيل غيتس أنه "تصعب المغالاة في حجم التحديات المرتبطة بتغير المناخ التي تواجه المزارعين والنظم الغذائية. وينطبق ذلك بصفة خاصة على المناطق ذات الدخل المنخفض، حيث يعاني الأشخاص الذين ساهموا بأقل قدر في تغير المناخ من أشد العواقب".
وأضاف غيتس أنه "على الرغم من توفر العديد من الابتكارات التي يمكنها مساعدة المزارعين في التكيف مع التهديدات المناخية، إلا أن التمويل لم يكن كافياً لجعلها في متناول الجميع على نطاق واسع. من خلال تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، يمكننا التأكد من أن الابتكارات في مجال التكيف الزراعي تتلقى الدعم المالي الذي تحتاج إليه".
من جهته، أكد راي داليو، ممول السفينة البحثية ’أوشين إكش‘ Ocean X، على أهمية الحفاظ على محيطات العالم، واصفاً إياها بأنها "أصولنا الطبيعية الأكبر والأكثر أهمية والأقل استكشافاً". وأضاف داليو قائلاً: "لا يمكننا النظر في قضايا المناخ والبيئة دون التفكير في المحيطات".
ودعماً لدعوة غيتس إلى اتباع نهج مزدوج لا يركز فقط على العوائد المالية بل على تحقيق أثر اجتماعي وبيئي إيجابي كذلك، قال داليو: "أعتقد أنه هناك إمكانات هائلة للتقنيات الناشئة التي تتطور لتصبح استثمارات مربحة" وهي طريقة مضمونة على حد قوله لجذب رأس المال الخاص نحو المبادرات التي تتصدى للتحديات المناخية.
في الوقت نفسه، أوضح رائد العطاء الإماراتي عبد العزيز الغرير كيف قامت مؤسسة عبد الله الغرير، التي أنشأها والده منذ ما يقرب من عقد من الزمن لتمويل المبادرات التعليمية للشباب العربي، بتحويل تركيزها مؤخراً من دعم الأفراد من خلال المنح الدراسية إلى التركيز على تعزيز قدرة أنظمة التعليم على إحداث تأثير أوسع نطاقاً. وأوضح الغرير أن التعاون مع الجامعات ووزارات التربية والتعليم هو وسيلة لزيادة الأثر المحتمل للهبات الخيرية والمساهمة في إعداد الجيل القادم ليكون قادراً على التصدي لتغير المناخ.
من جانبها، ناقشت بريشوس مولوي موتسيبي كيف أثرت خبرتها كطبيبة على إدراكها للحاجة الملحّة لأخذ المنظور الأفريقي في الاعتبار من قبل الباحثين العالميين، لاسيما لأهمية ذلك في فهم السياق المحلي. وشددت مولوي موتسيبي، التي تشغل منصب مستشار جامعة كيب تاون والرئيس المشارك لمؤسسة موتسيبي الخيرية، على أهمية تسخير العائد الديموغرافي لأفريقيا. وأكدت بالقول: "علينا أن نغرس الأمل في نفوس جيل الشباب. وفي الوقت نفسه، ضمان تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بالكامل ضمن الإطار الزمني المحدد".
وفي الختام، قال داليو: "نحن نمتلك قدراً هائلاً من الموارد والذكاء... لكنني أعتقد أن الأمر كله يتلخص في كيفية تفاعل الناس مع بعضهم البعض. لقد قمنا بالدعوة لاتباع نهج منسق، بدلاً من نهج مستقطب، مع التركيز على ’الصالح العام‘ بدلاً من ’المصالح الفردية‘".
نبذة عن أفكار أبوظبي
أفكار أبوظبي هو منتدى تأسس عام 2017 يستضيف نخبة من المفكرين وأصحاب الرؤى والمبتكرين وصانعي السياسات العالميين بهدف عقد جلسات نقاشية تتسم بالتفاعل وتتناول بعض أهم التحديات التي تواجه عالمنا اليوم.
تمكين هي شركة يقع مقرها في أبوظبي تهدف إلى إطلاق مشاريع تسهم في ازدهار المشهد الاجتماعي والثقافي والتعليمي في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال عقد شراكات مع جهات محلية ودولية رائدة لتحقيق الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي.
معهد آسبن هو منظمة تعليمية متخصصة في الدراسات السياسية يقع مقرها في الولايات المتحدة. وقد نال المعهد استحساناً كبيراً لدوره في جمع قادة الفكر والمبدعين والعلماء وأفراد المجتمع غير المنحازين والمنحدرين من خلفيات متنوعة من أجل التصدي لبعض التحديات الأكثر تعقيداً في العالم.