المساعدات الإنسانية وحدها لا يمكنها إنقاذ المجتمعات من الفظائع
تصوغ لين زوفيغيان الحجة لدعم الأعمال الخيرية للمجتمعات المتضررة من الإبادة الجماعية.
الاثنين, 09 ديسمبر 2024
تصوغ لين زوفيغيان الحجة لدعم الأعمال الخيرية للمجتمعات المتضررة من الإبادة الجماعية.
الاثنين, 09 ديسمبر 2024
لين زوفيغيان هي المديرة التنفيذية لشراكة زوفيغيان (ZP)، وهي منصة استثمار اجتماعي تمكّن من التقدم الاجتماعي والاقتصادي والتأثير الجماعي المستدام في الشرق الأوسط. وبمقرها الرئيسي في بيروت، فإن ZP تدير مجموعة من مشاريع التنمية الإنسانية والاجتماعية مع مجتمعات محلية في كل من لبنان والمملكة العربية السعودية والعراق. كما عمل المكتب العام لـ ZP، وهو ذراع العائلة الخيري لبناء السلام، على نطاق واسع مع المجتمعات المهمشة والمحرومة من الخدمات في لبنان ومع الجالية اليزيدية في العراق. واستمعوا إلى لين وهي تناقش أعمالها الخيرية وعملها في المجتمعات المتضررة من الأزمات في البودكاست الخاص بنا: «تشكيل العمل الخيري».
الحصار والحواجز. التجويع كسلاح حرب. النزوح الجماعي. الاستيلاء غير القانوني على الأراضي. تدمير أو تعطيل المستشفيات والمدارس. هذه كلها استراتيجيات طويلة الأمد لإلحاق الأذى عمداً بمجموعة إما جزئياً أو كلياً.
وفي العامين الماضيين، فإن التكنولوجيا العسكرية المتطورة والدقيقة، والاستخبارات، والسلطة غير المقيدة، والتواطؤ، والإفلات من العقاب، وكل هذا قد أخذ النهج القديمة إلى مستويات جديدة من الفعالية والخطر والوحشية عبر الشرق الأوسط وجنوب القوقاز.
والمجتمعات المستهدفة غير قادرة على مواكبة ذلك. وكذلك هو الحال مع القانون والنظام الدوليين. وأصبحت الدبلوماسية قريبة من أن تكون غير ذات جدوى.
وإن اليوم الدولي لإحياء ذكرى وكرامة ضحايا جريمة الإبادة الجماعية ومنع الجريمة، والذي يُحتفل به كل عام في ديسمبر، هو تذكير مؤلم بأن العالم لا يزال يخذل المجتمعات التي تواجه جرائم الفظائع.
وعلى الرغم من الرقمنة الواسعة النطاق والبث العالمي للعنف والمعاناة، ولا سيما في العام الماضي من أماكن مثل غزة، فإن التمويل الخيري للمجتمعات المحلية ومنظماتها القاعدية ومؤسساتها الاجتماعية والاقتصادية قد تأخر في التحقق.
"يستثمر مرتكبو الإبادة الجماعية بشكل كبير في الدعايات والمعلومات المضللة لإخفاء الحقائق والتجارب الحياتية لأولئك الذين يستهدفونهم. ولمواجهة هذا، فإنه يجب البدء بأبحاث استقصائية صارمة تتمحور حول المجتمع."
وفي المكتب العام لـزوفيغيان، فإننا قد أمضينا ما يقرب من 10 سنوات في العمل على حماية المجتمعات المحلية التي تواجه جرائم الفظائع في الشرق الأوسط وجنوب القوقاز، ومن خلال هذه التجربة، لقد تعلمنا كيفية التغلب على التحديات الرئيسية للوصول إلى المجتمعات المهددة بالانقراض وفهمها والارتقاء بها.
ويستثمر مرتكبو الإبادة الجماعية بشكل كبير في الدعايات والمعلومات المضللة لإخفاء الحقائق والتجارب الحياتية لأولئك الذين يستهدفونهم. ولمواجهة هذا، فإنه يجب البدء بأبحاث استقصائية صارمة تتمحور حول المجتمع.
ويعد الاستثمار في البيانات أمراً بالغ الأهمية لكي يتم الفهم بوضوح عما يحدث بالفعل على أرض الواقع، وهو ضروري لإفادة أصحاب المصلحة العالميين والذين من غير المرجح أن يمولوا أبحاث ذات حرج زمني، مثل المدعين والدبلوماسيين.
وتعلّمنا هذه الأبحاث في وقت مبكر جداً من بيئة عنيفة وعالية المخاطر بأي منظمات مجتمعية وقادة يمكنهم أن يكونوا بمثابة حلفاء لا غنى عنهم نظراً لحكمتهم وقربهم من الجرائم وإنسانيتهم.
كما أنه يسمح لنا بالعمل من مرحلة الوقاية قبل أن تصبح جرائم الفظائع أكثر حراجة وانتشاراً وأشد خطورة. ومع المزيد من البيانات، فإنه يمكننا أيضاً العمل بشكل أكثر أماناً ودقة، وبأثر أكبر بكثير.
وفي عام 2015، على سبيل المثال، فإننا قد أجرينا مراجعة للمزاعم الدينية المعلنة من قبل جماعة داعش (والمعروفة أيضاً بمسمى الدولة الإسلامية) واكتشفنا أن الاستغلال الجنسي والاتجار بالنساء والفتيات اليزيدية لم يكن فقط لأجل المنافع الاقتصادية للجماعة، بل أيضاً كسلاح للإبادة الجماعية ضد المجتمع المحلي بأسره.
وسمحت هذه الأبحاث لأصحاب المصلحة بتغيير استراتيجياتهم بسرعة والانتقال من معالجة الأزمة كواحدة عن عنف جنسي فقط إلى واحدة عن استراتيجية منهجية للإضرار وتدمير اليزيدية ككل.
وبالمثل، في عام 2022، أي قبل أربعة أسابيع فقط من حصار الأرمن (ناغورنو كاراباخ) من قبل الجهات الفاعلة الحكومية الأذربيجانية، فإننا كنا قد أصدرنا إنذاراً واضحاً للمجتمع الدولي بضرورة الالتفات إلى الجهود المنهجية التي تهدف إلى إلحاق أذى عارم بمجتمع السكان الأصليين.
وبدون استثمار مسبق في أبحاث عالية الجودة تركز على المجتمع المحلي، فإنه لم يمكن لفاعلي الخير الانخراط بالسرعة الكافية في دور داعم وتمكيني للمجتمعات المحلية. كما إن خطر استسلام فاعلي الخير هو أيضاً أعلى بكثير لأنه يصبح من الصعب جداً تحقيق التأثير.
ووفقاً لدراسة بحثية كنا قد نشرناها في وقت سابق من هذا العام، فإن 14 في المئة فقط من متبرعي الجيل القادم في الشرق الأوسط يمولون قضايا قائمة على حقوق الإنسان، و10 في المئة يمولون المساعدات الإنسانية الدولية، و30 في المئة فقط يشركون قادة المجتمع المحلي والمستفيدين في صنع القرار. ولا شك إن الفجوة هائلة ما بين احتياجات المجتمعات المحلية ورأس مال الممولين.
وفي مناطق النزاع، فإن المجتمعات المحلية لا تملك وسائل سهلة لسد الفجوة. ومع محدودية التمويل الخيري، فإنه غالباً ما تكون المساعدات الإنسانية هي الملاذ الوحيد. وفي مثل هذه البيئات الطارئة والمعقدة، فإن النفور من المخاطرة يؤدي إلى تمويل مشروط بشدة، وقصير الأجل، وبمثابة رد فعل، وهو ليس إستراتيجي ولا تمكيني. وهذا يترك المجتمعات المحلية التي تكافح للبقاء مثقلة بعبء إضافي يتمثل في القفز عبر الأطواق لإرضاء المتبرعين.
وتتطلب العتبات الصارمة من المقترحات التي تسعي لتلقي التمويل من الوكالات الدولية وصناديق الإغاثة الإنسانية كل من الوقت والموارد وصفاء الذهن، وهي أمور نادرة فيما بين المجتمعات المحلية التي تواجه جرائم الفظائع.
ويمكن للمنظمات المجتمعية الأصغر أن تعاني للوصول إلى تمويل المساعدات لأنها تفتقر للهيكل أو السجل الحافل المطلوب من الوكالات الدولية والجهات المانحة. وهذا على الرغم من أن هذه الكيانات غالباً ما تتشكل استجابة للأزمات وبالتالي تمتلك الخبرة الحياتية والمعرفة بكيفية إحداث تغيير ذي مغزى.
"بالشراكة مع المجتمعات المحلية المتضررة، فإنه يمكن للأعمال الخيرية أن تحدث فرقاً لا تستطيع أي مجموعة أو قوة أخرى القيام به."
وبمجرد أن تصبح الحرب أو الإبادة الجماعية أخباراً قديمة ويبدأ العالم في المضي قدماً، فإنه يبدأ تمويل المساعدات في الانحسار لأن الممولين المؤسسيين هم الآن مطلوبون في أماكن أخرى. ومن ثم تجد المجتمعات المتضررة نفسها تكافح بكمية أقل من الأكسجين مما كانت عليه من قبل، وبالتالي تصبح أكثر عرضة للاستغلال وسوء المعاملة في المستقبل، وذلك بينما يستعيدوا مرتكبو الجرائم اليد العليا مرة أخرى.
وهذا هو المكان الذي يمكن فيه للأعمال الخيرية الإستراتيجية أن تلعب دوراً. ويمكنها أن تساعد المجتمعات المحلية على بناء المرونة والقدرة وتمكينها من أخذ حياتها ومستقبلها بأيديها. ويمكنها التفكير على المدى الطويل، وتجاوز الفظائع المرتكبة اليوم، والتطلع بالفعل إلى الأمام حول كيفية إعادة بناء المجتمع المحلي وتقويته حتى يتمكن من الازدهار. ويمكن للأعمال الخيرية أن تفهم وتمتص المخاطر التي لا يستطيع الآخرون عليها.
وبدون المزيد من التمويل الخيري الصبور وغير المقيد للمجتمعات المهددة بالانقراض في وجه جرائم الفظائع، فإن الجبروت سيستمر في كونه معياراً للحق، كما إن الإفلات من العقاب سيستمر في كونه ماثل.
وإذا كان التاريخ قد علمنا أي شيء، فإن جرائم الفظائع سوف يستمر ارتكابها ضد المجتمعات المحلية من قبل قوى هي أكبر بكثير منها جميعاً مجتمعة.
ولذلك، فإن المسؤولية التي لا هروب عن تحملها كفاعلي خير إنما تقع على عاتقنا لأن نتقدم ونبدأ في تمهيد الطريق لنقترب بأسرع ما يمكن من المجتمعات المحلية المهددة بالانقراض.
وبالشراكة مع المجتمعات المحلية المتضررة، فإنه يمكن للأعمال الخيرية أن تحدث فرقاً لا تستطيع أي مجموعة أو قوة أخرى القيام به.
وفي إقليم وعالم بحاجة ماسة إلى إعادة تصور للعدالة الحقيقية والسلام الدائم، فإنني ما زلت أجرؤ على الأمل بأن جيلنا لن يجعل أطفالنا يرثوا الإخفاقات في الحرب، والإخفاقات ضد الإنسانية، والإخفاقات في الإبادة الجماعية.
ومستندة إلى التقاليد، ومتطلعة إلى المستقبل: فهم الجيل القادم للأعمال الخيرية في الشرق الأوسط هو أول تقرير من نوعه يسعى إلى سد فجوة البيانات حول الأعمال الخيرية في الشرق الأوسط، وإلى إنشاء خط أساس جديد وقاعدة للبحوث حول العطاء الإقليمي. وتم إنتاج التقرير من قبل شراكة زوفيغيان ومبادرة بيرل، وهذا بدعم من مؤسسة بيل وميليندا غيتس، كما استطلع التقرير 83 من صانعي التغيير من الجيل القادم. ويمكنكم قراءة التقرير كاملاً هنا.
صورة الغلاف: بإذن من © 2018 منظمة يازدا
It's a good idea to use a strong password that you're not using elsewhere.
Remember password? Login here
Our content is free but you need to subscribe to unlock full access to our site.
Already subscribed? Login here
Sign in to access all of our content and resources.
Not subscribed? Register here. Forgotten your password? Reset here
Simply provide your email, and we'll send you a link to reset your password.
Remember password? Login here