ثلاثة مبادئ لتقديم المنح بفاعلية: الجزء الثاني
تعزيز النتائج التي تحققها الأعمال الخيرية لشركتك وتأثيرها الإيجابي.
تعزيز النتائج التي تحققها الأعمال الخيرية لشركتك وتأثيرها الإيجابي.
هذا هو الجزء الثاني من دليل مكوّن من جزأين يناقش سُبل تقديم المنح بفاعلية في إطار الأعمال الخيرية للشركات. يطرح الدليل ثلاثة مبادئ رئيسية ويستعرض أفضل الممارسات ذات الصلة لتحسين العمليات خلال مراحل الترسية وما بعد الترسية في عملية تقديم المنح.
لا شك أن عطاء الشركات يساهم بشكل رئيسي في تحقيق أهداف التنمية المجتمعية والوطنية والعالمية. وقد تناولنا في الجزء الأول من هذا الدليل المكون من جزأين وضع الممارسات التي تعزز من أثر الأعمال الخيرية للشركات. كما قمنا بالتركيز على المبادئ والممارسات الرئيسية التي تحقق أفضل النتائج من مراحل ما قبل الترسية ضمن عملية تقديم المنح.
وفي حين أن مرحلة ما قبل ترسية المنح تنطوي على الكثير من الفرص لوضع الممارسات الفعّالة التي تساهم في تحقيق نتائج إيجابية، إلا أن فرصة تعزيز الأثر إلى أقصى حد لا تتوقف بمجرد التفاوض بشأن المنحة. وتكفل مراحل ترسية المنح وما بعد الترسية الكثير من الفرص لضمان إحداث الأثر الإيجابي وتحقيق نتائج ذات مغزى.
وبينما تنتقل إلى هذه المراحل الأخيرة من عملية تقديم المنح، من المهم أن تتذكر أنك اخترت العمل مع جهة متلقية للمنحة لأنك تدرك أنها تتمتع بخبرة و/أو معرفة في القضايا التي يتم التعامل معها أو التصدي لها تفوق بكثير الخبرة والمعرفة المتاحة في مؤسستك. وعلى هذا النحو، ينبغي التزام تفاعلاتك وتعاملاتك مع الجهة المتلقية للمنحة في مرحلة ما بعد الترسية بفكرة رئيسية شاملة وهي: يتعين على الممولين الاستماع باهتمام لما تقوله الجهات المتلقية للمنح عن عملها. وكقاعدة عامة، يجب عليهم الاستماع أكثر من التحدث.
ولا يعني ذلك أن الممولين لا يستطيعون الإدلاء برأيهم بشأن كيفية استخدام موارد المنح، ولكن الاستماع باهتمام من شأنه أن يتيح لجهات التمويل فرصاً أوسع نطاقاً للاستفادة من خبرة المنظمات التي اختاروها كشركاء لهم، وهو ما يؤدي إلى إنشاء ديناميكية تؤكد على قيمة وأهمية المدخلات من الجهات المتلقية للمنح، حيث تيسّر هذه الديناميكية تحقيق الشفافية والثقة، باعتبارهما جزءاً لا يتجزأ من نجاح المخرجات. ولعل الأهم من ذلك أنها تساعد أيضاً على تحديد المخاطر التي تؤدي إلى تلاشي التأثير وتهديد نجاح البرنامج وتوقع هذه المخاطر والتخفيف منها.
يمكن للممولين استخدام ثلاثة مبادئ رئيسية خلال مراحل الترسية وما بعد الترسية في عملية تقديم المنح، بغية تعزيز النتائج الكلية:
الأهمية: في مرحلة الترسية، قد يساعدك بذل العناية الواجبة قبل تقديم المنحة على العمل بمسؤولية تجاه الجهة المتلقية، مع تجنب الإخفاقات الشائعة في هذه العملية. ويتمثل أحد أهم أشكال العناية في تحديد ما إذا كان بوسع الجهة المتلقية تلبية متطلبات المنحة على نحو معقول ضمن هيكلها الحالي، أو - على الأقل – ما إذا كان لديها خطة واقعية وسليمة لتحقيق ذلك بنمو عملي ومستدام.
ويمكن للمنظمات المجتمعية تشكيل شبكة واسعة لجمع التبرعات مع إيلاء الأولوية للحصول على منح أكبر لتعويض الأعباء الناجمة عن عملية جمع التبرعات المستمرة. وغالباً ما تدعو تلك المنح إلى وضع برامج مبتكرة ومتدرجة، وتتعرض المنظمات الصغرى لضغوط بهدف زيادة عدد موظفيها وأصولها وغير ذلك من عناصر بنيتها التحتية، حتى يتسنى لها الوفاء بالمتطلبات. فأحياناً ما نرى في هذا النمو فرصة يمكن تحقيقها، لكن غالباً ما تشكل الزيادة السريعة والكبيرة في ميزانية التشغيل لدى الجهة المتلقية للمنحة أو تمويل التغييرات الهيكلية الكبيرة خطراً كبيراً يهدد نجاح المنحة واستدامة عمليات الجهة المتلقية لها، بل وتتفاقم تلك المخاطر إذا كان مصدر التمويل عبارة عن جهة مانحة واحدة.
أفضل الممارسات: على الرغم من أن دعم نمو المنظمات المجتمعية يعتبر عملاً نبيلاً، إلا أنه من الأفضل القيام بذلك تدريجياً ومع مرور الوقت وبالتعاون مع ممولين آخرين. ويتعين أن يكون مقدمو المنح المسؤولون على بينة من النسبة بين حجم المنحة المالية التي يقدمونها وميزانية التشغيل الإجمالية المعتمدة لدى الجهة المتلقية. وعلى الرغم من أنه لا توجد قاعدة عامة فيما يتعلق بالنسبة "الآمنة" لحجم المنحة، إلا أنك يجب أن تكون على يقين إلى حد ما بأن الجهة المتلقية لديها البنية التحتية والخبرة والسياسات الكافية لإدارة أموالك بفعالية، سواء في وضعها الحالي أو مع إجراء تعديلات معقولة.
وإذا كانت الجهة المتلقية للمنحة تخطط لنمو كبير استناداً إلى منحة من ممول واحد، فينبغي عندئذ بذل العناية الواجبة لتحديد ما إذا كان بوسعها مواصلة الازدهار والنمو في حال توقف التمويل من المؤسسة. ويمكن إجراء هذا النوع من العناية الواجبة من خلال مراجعة البيانات والقوائم المالية المدققة وخطة التشغيل الحالية وتقارير مصادر التمويل المتوقعة وتقارير الأداء السابقة، أو بمجرد التحدث مع الممولين الآخرين ممن سبق لهم العمل مع الجهة المتلقية للمنحة.
تخطط مؤسستك لتقديم منحة إلى منظمة غير حكومية محلية تركز على تعليم الأطفال العادات الصديقة للبيئة. تشعر بالحماس تجاه البرنامج الجديد وهو شعور تشاركك فيه أيضاً الجهة المتلقية للمنحة. وليتزامن البرنامج مع بدء العام الدراسي، تجاوزت عن بذل العناية الواجبة وأسرعت بتقديم المنحة رسمياً.
وبعد مرور ستة أشهر على بدء البرنامج، لا يزال معدل التقدم بطيئاً في ظل نسبة مشاركة تقل عن 20 بالمئة من عدد الأطفال المستهدفين لحضور هذه الفعاليات. حددت الجهة المتلقية للمنحة المشكلة الجذرية والمتمثلة في وجود بعض القيود المتعلقة بالموارد البشرية. فقد أقر المدير التنفيذي بأنهم قد واجهوا صعوبات في تعيين عشرة موظفين تشتد حاجة البرنامج إليهم لتنفيذ أنشطته الأساسية. أصبت بالدهشة لدى اطلاعك على توقعات النمو، إذ كان لدى المنظمة خمسة موظفين بدوام كامل فقط عند تقديم المنحة. علاوة على ذلك، يقع مقر المنظمة في بلدة ريفية ذات إمدادات ضعيفة بالقوة العاملة. ولن يكون من الممكن أن تضاعف المنظمة عدد موظفيها في غضون بضعة أسابيع.
شعرت حينها بالإحباط وألمحت إلى أنك تفكّر في إنهاء المنحة بسبب عدم الامتثال لمقاييس الأداء. لكن المدير طلب منك إعادة النظر إذ تم تخصيص جزء كبير من المنحة بالفعل لاستئجار وتجهيز مرافق مكتبية أكبر تتسع للموظفين المتوقع تعينهم. ومن دون المنحة الخاصة بك، لن تكون المنظمة قادرة على دفع حساباتها المستحقة، ومن المرجح أن تغلق أبوابها. والآن، يحدوك شعور بخيبة الأمل في ظل مجموعة الخيارات المحدودة المتوفرة أمامك، وتشعر بالندم على قرارك المتسرع بتجاوز بذل العناية الواجبة.
الأهمية: يعد تتبع التقدم نحو تحقيق النتائج مسألة بالغة الأهمية أثناء مرحلة التنفيذ والرصد. وغالباً ما تعني عملية الرصد بالنسبة لمقدمي المنح ضمان استخدام الموارد على النحو المتفق عليه، وأن البرنامج يسير على الطريق الصحيح لتحقيق مجموعة من الأهداف المحددة سلفاً. فإذا كان التقدم المحرز ماضياً على المسار الصحيح، فهذا يعني أن البرنامج ممتثل لشروط المنحة.
وعلى الرغم من أهمية الامتثال، إلا أن الرصد فقط بغرض "ملء الخانات" في قائمة التحقق قد يعتبر إجراءً قصير النظر. فالرصد بغرض معرفة ما يصلح وما لا يصلح، وتحديد المجالات التي يمكن إجراء تحسينات فيها، يتميز بفعالية أكبر في تحقيق النتائج. أما التعامل مع وظيفة الرصد باعتبارها إجراءً شُرَطياً يدفع الجهة المتلقية للمنحة إلى التركيز بشكل محدود على إعداد التقارير مع غض الطرف عن حلقات التقييم والتحسينات العملية التي من شأنها تعزيز الأثر.
أفضل الممارسات: لكي تحظى بعملية رصد وتقييم مفيدة بالفعل، ينبغي أن تكون تلك العملية مزودة بموارد كافية، مع بدء العمل بها مبكراً متى أمكن، وأن تكون بمثابة تدريب للتعلّم. فمن شأن التركيز على التعلُّم بدلاً من الجانب "الشُرَطي" أن يؤدي إلى تجنّب التوترات الإشرافية الشائعة بين الجهات المموّلة والجهات الحاصلة على المنح. فهو يضع الجهة الممولة والمستفيدة في نفس "الفريق" ويوجه التركيز نحو الحلول. وتشمل أفضل الممارسات ذات الصلة على ما يلي:
بعد السنة الأولى من منحة متعددة السنوات تهدف إلى الحدّ من اعتماد المجتمع على المواد البلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة، تنتظر بفارغ الصبر تقرير التقدم المحرز في نهاية السنة. فقد عكفت قبل بضعة أشهر على صياغة الأهداف بعناية باستخدام المعايير الدولية التي استرشدت بها. وعندما قدّمت لك الجهة المستفيدة من منحتك النتائج الأولية، شعرت بسعادة غامرة عندما وجدت أنها قد تفوقت على الأهداف الموضوعة بنسبة تصل إلى 75 بالمئة في معظم المجالات.
لكن خلال المناقشات التي أجريتها علمت أن البرنامج قد حظي في الواقع بمشاركة مجتمعية محدودة للغاية وأن القانون المحلي الذي صدر مؤخراً لتقييد استخدام الأكياس البلاستيكية في محلات السوبر تكرام ربما كان السبب الرئيسي لأغلب التراجع في استخدام البلاستيك. ولسوء الحظ، ركزت أهدافك على سلوك المستهلك، حيث صممت هذه الأهداف بطريقة لا ترصد تأثير العوامل الخارجية أو حتى تتبع نسبة المشاركة في البرنامج. تذكرت تمرين تحديد الهدف، وشعرت بالأسف لأنك لم تدعُ الجهة المتلقية للمنحة للمشاركة في صياغة تلك الأهداف؛ فلو أنك فعلت ذلك، لربما علمت بالتشريع الوشيك وكان بإمكانك تحديد الأهداف بشكل أكثر ملاءمة أو حتى إعادة توجيه الجهود بالكامل.
الأهمية: سيتعين على مؤسستك في نهاية المطاف اتخاذ قرار إما بإعادة الاستثمار أو نقل التمويل إلى مكان آخر. وفي المرحلة الأخيرة من عملية تقديم المنح، من بين الممارسات المسؤولة ضمان كون الجهات المتلقية للمنح في وضع جيد لمواصلة أداء عملها إذا انتهت المنحة أو - على الأقل – في وضع أفضل يؤهلها للعمل في ظل منحة جديدة. ومع الميزانيات الهزيلة وتزايد أعباء العمل، نادراً ما تتاح للمنظمات المجتمعية فرصة لتحديث عملياتها أو تطوير قدرات موظفيها. وقد لا تستمر النتائج المتحققة من المنحة التي قدمتها على المدى البعيد إلا من خلال الاهتمام الكافي باستدامتها وفترة بقائها.
أفضل الممارسات: بشكل عام، تكتفي المنظمات المجتمعية بالتقدم بالطلبات التشغيلية التي تعتقد أن الممولين سيلبونها. نتيجة لذلك، غالباً ما تبقى الاحتياجات الماسة قائمة، مما يشكل خطراً على النتائج البعيدة المدى. لذا، يتعين على الممولين أن يكونوا سباقين في توقع الاحتياجات المتعلقة بالقدرات تلك، وأن يقدموا الدعم الذي يساعد في ضمان بقاء التأثير بعد انتهاء فترة المنحة. ومن بين أفضل الممارسات الأخرى ذات الصلة ما يلي:
يغمرك شعور بالسعادة إزاء أداء الجهة المتلقية للمنحة التي تعمل على الحفاظ على الحدائق والمساحات الخضراء داخل مجتمعك. تعمل مؤسستك على إنهاء المنح البيئية، ويساورك القلق بشأن استدامة المشروع بعد انقضاء المنحة الخاصة بك، وتشعر بالاستياء تجاه محدودية الوعي بالمشروع، ومشاركة مؤسستك فيه، أو التأثير الذي حققته بالفعل. وعلى الرغم من أن مؤسستك تضم قسماً كبيراً للتسويق، إلا أنك تعلم أن الجهة المتلقية للمنحة ليس لديها موظفين متخصصين في مجال الاتصالات أو وسائل التواصل الاجتماعي، وتشعر بالأسف لعدم تقديم دعم في ميدان الاتصالات من خلال القدرات الداخلية لمؤسستك. وقد شارفت المنحة على الانتهاء، ومن دون رفع الوعي، من غير المحتمل حصولها على تمويل للمتابعة من قبل منظمات أخرى.
It's a good idea to use a strong password that you're not using elsewhere.
Remember password? Login here
Our content is free but you need to subscribe to unlock full access to our site.
Already subscribed? Login here