ابدأ والغاية في ذهنك
يوضح هذا الدليل الإرشادي إطار عمل نظرية التغيير (ToC) ويحدد المنهجية التي يجب اتباعها للقيام بالعمل الخيري الذي يركز على النتائج
يوضح هذا الدليل الإرشادي إطار عمل نظرية التغيير (ToC) ويحدد المنهجية التي يجب اتباعها للقيام بالعمل الخيري الذي يركز على النتائج
تتضمن نظرية التغيير خمسة مكونات رئيسية، وهي: بيان الأثر، والنواتج، والمخرجات، والأنشطة، والمدخلات.
يتعين وضوح بيان الأثر بشأن ما يجب تحقيقه، ولمن يُقدَّم، إلى جانب وضعه ضمن إطار زمني محدد.
تحديد تفاصيل مكونات نظرية التغيير لوضع استراتيجية تحقيق ا لأهداف المتوسطة أو القريبة المدى.
تفرض المؤسسة سيطرتها القوية على مكونات الاستثمار، ومع ذلك، قد لا تخضع مكونات النتائج لسيطرتها نظراً لتأثرها بالعوامل الخارجية.
عند رسم استراتيجية العطاء المؤسسي مع وضع الميزانية الثابتة، وتحديد الوقت المخصص الذي سيقضيه الموظفون، إلى جانب توصُّل المؤسسة الخاصة بك إلى توافق في الآراء حول نوع الأثر الذي ترغب المؤسسة في إحداثه، فإن السؤال الأكثر تعقيداً الذي يَمثُل أمامك هو: كيف يُمكنك ترجمة هذه الموارد بشكل ملموس إلى شيء ذي مغزى؟
وكيف يُمكنك التأكد من أنك ستحتفي بالنجاح المبدئي لاستراتيجيتك في مثل هذا الوقت في العام المقبل، بدلاً من التساؤل حول كيف يُمكنك توضيح ما عليك عرضه من الوقت والمال والجهد المستثمَر في استراتيجية العطاء المؤسسي الخاصة بك؟ حيث يمكن لإطار عمل نظرية التغيير أن يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق ذلك.
إنَّ إطار عمل نظرية التغيير، في صيغته العامة، هو مجرد أداة نظرية تُستخدم في مواءمة الاستثمارات الأولية مع النتائج النهائية. ولكي يكون الإطار مجدياً، يتعين تحديد سياقه عن طريق تخصيص مكونات كل منحة أو مشروع أو مجموعة/مزيج منها.
ويُعد وضع إطار عمل نظرية التغيير خطوة أولية نحو ضمان تركيز العطاء المؤسسي على النتائج، أي أنه مرتكز على إحداث الأثر بدلاً من الاستجابة للدوافع، إذ يُمكـّن إجراء عملية نظرية التغيير مؤسستك من امتلاك رؤية شديدة الوضوح بشأن:
تتسم مزايا إجراء عملية نظرية التغيير بأنها واسعة النطاق، ويُمكن تلخيصها على النحوالوارد أدناه. الشروع في عملية نظرية التغيير:
وعادةً ما تستخدم المؤسسات التي تتفاعل بشكل مباشر مع الجهات المستفيدة إطار عمل نظرية التغيير في المقام الأول، بما في ذلك المنظمات غير الربحية والجهات المانحة الرئيسية وغيرها من المنظمات المجتمعية أو الإنمائية. وتتبنى حالياً المؤسسات التي تقدم المنح نظرية التغيير على نطاق أوسع بوصفها آلية لتوفير رؤى أوضح حول مدخلات ومخرجات العطاء الذي تمنحه.
يشتمل إطار نظرية التغيير على خمسة عناصر رئيسية يمكن وضعها ضمن عملية مكونة من ثلاث خطوات. ومثلها مثل العديد من أدوات التخطيط، يبدأ تطبيق نظرية التغيير "بمراعاة البدء مع وجود الغاية في الذهن"، إذ تعمل المؤسسة "بشكل عكسي" عبر الخطوات الثلاث لإنشاء إطار عملها الخاص، بمعنى أنها تحدد أولاً ما ترغب في تحقيقه ثم تضع شرحاً تفصيلياً للجهود التي ستقوم بها والموارد التي ستخصصها من أجل القيام بذلك.
يمثل بيان الأثر المكون الأول من مكونات إطار عمل نظرية التغيير. ويسمح إعداد بيان الأثر، بوصفه خطوة أولية، للمؤسسة ببلورة التأثير طويل المدى الذي ترغب في تحقيقه من خلال العطاء الذي تقدمه. ويمكن للمؤسسة تحديد ما سيؤول إليه شكل النجاح على المدى الطويل من خلال بيان الأثر، كما يمكن صياغة بيانات الأثر إما لمشروع واحد أو لمجموعة من المشروعات أو المنح ذات الصلة.
قد تضع مؤسستك تصوراً للتأثير الناشئ عن العطاء الذي تقدمه، على سبيل المثال، القضاء على الجوع في المجتمع في غضون عشر سنوات من العمل، وأياً ما كان ينطوي عليه بيان التأثير، فإنه يتعين وضوح البيان على الأقل بشأن ما ينبغي تحقيقه، ولمن يُقدَّم العطاء، إلى جانب وضعه ضمن إطار زمني محدد. وغالباً ما تنظر المؤسسات إلى ذلك التأثير باعتباره من مسؤوليتها الاجتماعية أو مهمتها في مجال الاستدامة أو كإطراء لرؤيتها التجارية.
إذا كان بيان الأثر يصف الهدف النهائي، فإن باقي مكونات نظرية التغيير تشير إجمالاً إلى الاستراتيجية المُطبقة في تحقيق ذلك الهدف. وتأتي على رأس باقي تلك المكونات، النواتج والمخرجات، والتي تشكل عملياً نتائج المكونَين النهائيَّين، وهما الأنشطة والمدخلات. وتعد الأنشطة والمدخلات هي استثمارات الشركة، ومن ثَمَّ فهي تقع ضمن نطاق سيطرة المؤسسة، بينما تخضع النواتج والمخرجات لبعض العوامل الخارجية. وبصرف النظر عن بيان الأثر الذي يحدد الأهداف على المدى الأطول، فإن نظرية التغيير، من حيث التصميم، تحدد الاستراتيجية لتحقيق نتائج متوسطة المدى من خلال استثمارات قريبة المدى.
تشير الخطوة الثانية في وضع إطار عمل نظرية التغيير إلى تحديد نتائجك وغايتك. وتتميز نتائج نظرية التغيير بعنصرَين، هما: النواتج والمخرجات. ومن السهل الخلط بين بيانات الأثر والنتائج، ولكن ثمة طريقة بسيطة للتمييز بينها، وهي من خلال النظر في أفقها الزمني وطريقة قياسها. وفي حين أن كلاً من بيانات الأثر والنتائج تحدد ما تأمل المؤسسة في تحقيقه، فإن بيانات الأثر ذات صلة بأهداف أسمى طويلة الأمد، وتستند عادةً إلى مؤشرات بديلة لقياس النجاح.
وتُستخدم المؤشرات البديلة نظراً لأنَّ المؤشرات المباشرة يصعب تحديدها أو جمع البيانات بالمقارنة بها. فإذا كان بيان الأثر الخاص بك معنياً بالقضاء على الجوع، فقد تستخدم إحصاءات تتعلق بتوقف النمو أو الطلبة المسجلين في برامج الغداء المجاني لتكون بمثابة بديل عن مستويات الجوع، ولن يتعين عليك بالضرورة الوصول إلى الدراسات الاستقصائية عن الأُسر المعيشية التي تثبت بوضوح انعدام الأمن الغذائي يومياً.
وتعد النتائج ذات مدى أقصر نسبياً ولها طبيعة وسيطة بشكل أكبر، كما يمكن قياسها بسهولة أكبر وبشكل ملموس من خلال مؤشرات أكثر دقة.
النواتج هي في الأساس نتائجك المتوسطة المدى. ويمكنك تحديد النواتج الخاصة بك من خلال توضيح ما يتعين عليك تحقيقه خلال الفترة من سنتَين إلى خمس سنوات لتصبح على مقربة أكبر من تحقيق بيان التأثير الخاص بك، ثم تعيين مؤشر يُمكن قياس النتائج من خلاله. ومن أحد الأمثلة على هذه النواتج تخفيض عدد كبار السن ذوي الدخل المنخفض الذين يعتمدون على مخازن المؤن الغذائية الأهلية في غضون ثلاث سنوات، حيث يمكنك تعيين هدف للناتج، وهو الوصول إلى نسبة تخفيض قدرها 50 بالمئة.
ومن الناحية العملية، وبغية تحديد النواتج على أفضل وجه، عادةً ما يكون من المفيد التفكير في أهدافك المتوسطة المدى من خلال وجهة نظر مختلف الجهات المعنية، فقد تختلف وجهات نظر مجلس إدارتك والجهات المستفيدة وقيادتك التنظيمية وعملائك بشأن ما قد يرغبون في تحقيقه عن طريق العمل الخيري المؤسسي.
ويُقاس النجاح بالمقارنة مع النواتج أولاً باختيار مجموعة من المؤشرات ثم بوضع خط الأساس، فعلى سبيل المثال السابق ذكره أعلاه، يمكن أن يكون المؤشر المباشر لقياس ناتجك هو عدد كبار السن المسجَّلين لدى مخازن المؤن الغذائية الأهلية في إطار دائرة نصف قطرها عشرة أميال.
وسيُقاس خط الأساس في بداية برنامج أو منحة، ثم تُجمع البيانات لرصد التقدم المحرز على مدار فترات زمنية محددة مسبقاً، كما يمكنك تحديد الفترات الزمنية التي قد تكون ذات جدوى للقدرات المعنية بجمع المعلومات، وكذلك تحديد معدل تغير المعلومات. ويمكن أن يشكل جمع المعلومات في كثير من الأحيان ضغطاً على الموارد البشرية، ولا سيما في الحالات التي لا تتوافر فيها نظم تكنولوجيا المعلومات، إذ يمكن أن يؤدي جمع المعلومات على فترات متباعدة إلى تحصيل بيانات غير كافية لتقييم النتائج.
تمثل المخرجات العنصر الثالث في إطار عمل نظرية التغيير، ويمكن وصف المخرجات بأنها النتائج القصيرة المدى التي تحقق النواتج على نحو جماعي، كما أنها النتيجة المباشرة لمكونات الاستثمار، أي الموارد المخصصة والأنشطة المنفذة. ولصياغة المخرجات، يتعين النظر إليها باعتبارها الأدوات المباشِرة لتحقيق النواتج. فإذا كان الناتج الذي ترغب في تحقيقه هو تقليص الاعتماد على بنوك الطعام، فقد تكون المخرجات اللازمة هي تمويل برامج مساعدة نقدية لكبار السن. ومع تحديد مجموعة من النواتج، فمن الضروري تعيين الهدف والقياس بفعالية في مقابل ذلك الهدف. ويشكل رصد المخرجات بعناية وسيلة فعالة لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى إجراء تصحيحات للمسار.
إذا لم تـُلـَبَّ أهداف المخرجات باستمرار، فيجب أن يُنظر إلى ذلك باعتباره علامة تحذير مرحباً بها، حيث إنَّها تسمح للمؤسسة بتشخيص المشكلات وتصحيحها بسهولة أكبر، فعلى سبيل المثال ربما خططت مؤسستك لفعالية كبرى لجمع التبرعات شارك فيها ضيوف من المشاهير، إلا أنَّ التبرعات المجمعة (الناتج) كانت أقل بكثير من الهدف الذي حددته. ونظراً لأنك تلقيت إشارة مفادها أن هناك هدفاً لم يُلَبَّ، فيمكنك البدء في التحقيق بشأن ما استثمرته في هذا الفعالية. وقد تكتشف أن ميزانية العلاقات العامة الخاصة بهذه الفعالية كانت متدنية بشكل غير واقعي، ومن ثَمَّ فقد سمع عدد قليل من الأشخاص عن فعالية جمع التبرعات وضيوفك من المشاهير. وقد تلاحظ توزيع الدعوات في توقيت متأخر للغاية، وأن العديد من الراغبين في الحضور كانوا ملتزمين بالحضور في أماكن أخرى.
وهذا لا يُقصد به أن المخرجات لا يمكن أن تتأثر بالعوامل الخارجية الخارجة تماماً عن سيطرة المؤسسة، فعلى سبيل المثال يمكن أن تفشل حملات جمع التبرعات المخططة بأقصى قدر من العناية أيضاً بسبب أمر بسيط مثل سوء الأحوال الجوية.
لعل أكثر أجزاء نظرية التغيير وضوحاً هو مكونات الاستثمار التي تشمل الأنشطة والمدخلات. وبخلاف مكونات النتائج التي يمكن أن تتأثر بالعوامل الخارجية وتخضع للقياس على مدار الوقت، فإن مكونات الاستثمار تخضع بشدة لسيطرتك، كما يمكن قياسها على الفور. ولبيان تفاصيل مكونات الاستثمار، عليك بالتركيز ببساطة على المخرجات التي استهدفتها، وتحديد الجهود والموارد التي تعتقد أنها ضرورية لتحقيقها.
تشير الأنشطة إلى أي جهود تبذلها مؤسستك، أو حتى الجهة المستفيدة من المنح التي تقدمها، لصالح تحقيق النتائج المنشودة، ومن الأمثلة على تلك الأنشطة إعداد عمليات تقديم المنح، واستضافة الفعاليات، وإقامة حملات التوعية. ومن المهم ملاحظة أن تحديد أهداف أنشطتك هو أمر مفيد للغاية في وضع الميزانيات وتخصيص المكون الأخير من مكونات نظرية التغيير، أي المدخلات.
تعد المدخلات بمثابة الركائز الأساسية لنظرية التغيير، وهي تشير إلى الموارد المخصصة لأنشطتك، فإذا كنت قد استهدفت ثلاث فعاليات لجمع التبرعات، فأنت تعلم تلقائياً أنك ستحتاج إلى مكان لعقد الفعاليات، أو ربما ميزانية لاستئجار مساحة لعقدها. وإذا كنت تخطط للمشاركة في دورات توجيهية في المدارس، فستحتاج إلى مجموعة من كبار الموظفين للتطوع بوقتهم.
من المهم هنا ملاحظة أنه عند الانتهاء من العملية، ستبدو نظرية التغيير أشبه إلى حد كبير بشكل القَمْع، حيث إن هناك العديد من الاستثمارات التي تُترجم إلى نتائج قليلة. وقد يكون لكل ناتج عدد محدود من المخرجات ذات الصلة، ويكون لهذه المخرجات قائمة طويلة من الأنشطة ذات الصلة، بل وقائمة أطول من المدخلات، فإذا انتهى بك الأمر إلى تحقيق نسبة مشابِهة جداً بين المدخلات والأنشطة أو بين المخرجات والنواتج، فمن المرجح حينها أنه يتعين معاودة النظر في ا لإطار الخاص بك، إذ إنه يكاد يكون من المستحيل أن يكون ناتج ما مدفوعاً بمخرج واحد، أو أن يكون مخرج ما مدفوعاً بمدخل واحد.
يُعد إطار عمل نظرية التغيير بمثابة أداة مهمة في دفع العمل الخيري المرتكز على النواتج، ومع ذلك، فإن وضع إطار العمل ما هو إلا نصف العملية، كما لا يقل القياس المتسق للمؤشرات والأهداف أهمية عن تحديدها. ولا يمكن لإطار العمل أن يساعد في تحديد التغييرات الضرورية التي تؤدي إلى تحسينات إلا من خلال الرصد الفعال. يُرجى الرجوع إلى أدلة العطاء العملية ا لإضافية للحصول على مزيد من المعلومات حول رصد إطار عمل نظرية التغيير.
وينفرد كل إطار من أُطر عمل نظرية التغيير من خلال الاحتياجات والمتطلبات المحددة للمؤسسة التي تصممه. وفي حين أنه لا توجد إجابات "صحيحة" عندما يتعلق الأمر بتحديد تفاصيل كل مكون، فإن هناك بعض الأخطاء الشائعة التي يجب تجنبها.
It's a good idea to use a strong password that you're not using elsewhere.
Remember password? Login here
Our content is free but you need to subscribe to unlock full access to our site.
Already subscribed? Login here