منارة أمل
كيف يبني برنامج للتمويل المتناهي الصغر المدعوم من العمل الخيري الاستثماري مستقبلاً أكثر إشراقاً للنساء الأرامل والمعيلات وأسرهن
كيف يبني برنامج للتمويل المتناهي الصغر المدعوم من العمل الخيري الاستثماري مستقبلاً أكثر إشراقاً للنساء الأرامل والمعيلات وأسرهن
مشروع أمل هو برنامج للتمكين الاقتصادي يقدم قروضاً منخفضة التكلفة للنساء الأرامل والمعيلات المستضعفات في جميع أنحاء مصر.
وتعد هذه المبادرة ثمرة تعاون بين مؤسسة الفنار، أقدم منظمة للعمل الخيري الاستثماري في المنطقة العربية، والصندوق العالمي للأرامل، ويتم تنفيذها بواسطة مؤسسة حواء المستقبل، المنظمة المصرية غير الربحية المتخصصة في التمويل المتناهي الصغر التي تقوم بدورها باختيار منظمات التمويل المتناهي الصغر المحلية وتمويلها من أجل توسيع نطاق البرنامج.
ومن خلال التدريب المهني وتعزيز الإلمام بالشؤون المالية إلى جانب تقديم القروض المتناهية الصغر الميسورة التكلفة وجمعيات الادخار والقروض للأرامل المعروفة باسم ’وصالة‘ WISALA فإن مبادرة أمل تقدم الدعم للنساء المعيلات وتمكنهن من تأسيس أعمالهن التجارية وإعالة أسرهن.
وبذلك توفر هذه المبادرة وسيلة للاستقلال المالي للأرامل المستضعفات، اللاتي غالباً ما يواجهن تحدياتٍ في الوصول إلى التمويل بسبب الأعراف الجنسانية والثقافية، ما يؤدي بهن إلى الوقوع في براثن الفقر.
ومنذ إطلاقتها في عام 2012، مكّنت أمل أكثر من 23,000 سيدة معيلة في 108 قرى في مصر من إنشاء مشاريع صغيرة وتحقيق الاستقلال المالي والاقتصادي، مما أدى إلى كسر حلقات الفقر بين الأجيال وجلب أملٍ جديد للأسر في جميع أنحاء المنطقة.
تعود نشأة أمل إلى الرحلة الشخصية للراحلة يوجيني عوض الله، وهي سيدة مصرية من مدينة الاسكندرية في مصر أصبحت أرملة وهي في منتصف الثلاثينيات من عمرها. لكن هذا الحدث المؤسف في حياة عوض الله لم يفقدها معيل أسرتها فحسب بل أوقعها أيضاً في براثن الفقر بعد أن حرمها أخوة زوجها من حقوقها في الميراث. ولسداد ديون الرعاية الصحية لزوجها الراحل، اضطرت عوض الله في ذلك الوقت إلى بيع ممتلكاتها وإخراج ثلاثة من أطفالها الأربعة من المدرسة والكفاح من أجل تغطية نفقاتها، فأصبحت ظروف حياتها بعيدة كل البعد عن المستوى المعيشي الذي كانت تتمتع به سابقاً كزوجة من الطبقة المتوسطة العليا.
وبعد بضع سنوات بعد أن توفيت عوض الله على بعد آلاف الأميال في مدينة نيويورك، بحثت هيذر ابراهيم، وهي إحدى أحفادها، في قصة جدتها وشعرت بما وصفته "إحساساً بالمسؤولية" تجاه النساء اللواتي يعانين كما عانت جدتها.
وفي عام 2009، قررت ابراهيم، التي كانت قد تركت للتو حياتها المهنية في وول ستريت من أجل تكوين أسرة، الصندوق العالمي للأرامل (GFW) بهدف تعزيز التمكين الاقتصادي للأرامل والدفاع عن حقوقهن.
وعلى الرغم من رغبتها في بدء العمل في مصر في عام 2011، حيث تعيل النساء والأرامل 57 بالمئة من الأسر، واجهت إبراهيم عقبات بسبب الاضطرابات السياسية التي أعقبت الربيع العربي والإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في تلك الفترة. وتتذكر ابراهيم تلك الفترة فتقول: "كان من الصعب جداً علينا باعتبارنا منظمة غير حكومية دولية دعم الأنشطة في مصر في تلك الفترة [المضطربة]".
لكن في نهاية المطاف حصلت ابراهيم على رقم للتواصل مع ميرنا عطاالله، المديرة التنفيذية لمؤسسة الفنار من خلال شخص مشترك بينهما. في ذلك الوقت كانت الفنار، وهي أول مؤسسة متخصصة في العمل الخيري الاستثماري في المنطقة العربية، قد بدأت العمل في مصر منذ 2005، ونجحت في بناء سجل حافل ونهج مميز في دعم المشاريع الاجتماعية التي تعمل على النهوض بتعليم الأطفال وتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة.
وفي يوم من الأيام وبينما كانت ابراهيم تستقل حافلة في مدينة نيويورك أخرجت هاتفها المحمول واتصلت بميرنا عطاالله المقيمة في المملكة المتحدة. وتتذكر عطاالله ذلك اليوم بوضوح وتلك المكالمة المهمّة التي فتحت عينيها على واقع النساء الأرامل والصعوبات التي تواجهنها في مصر والعالم. وبعد الحديث مع ابراهيم شعرت عطاالله أنه لا بد لها من التعاون مع الصندوق العالمي للأرامل من أجل إحداث تغيير ملموس. وهكذا، رأت مبادرة أمل النور لتكون كما يعني اسمها بارقة أمل في حياة النساء الأرامل والمعيلات.
يعيش ما يقرب من 10 بالمئة من النساء الأرامل على مستوى العالم البالغ عددهن 250 مليون أرملة تحت وطأة الفقر بسبب القمع المنهجي المستمر بحقهن منذ زمن طويل، وحرمانهن من الميراث، وتعرضهن للتمييز على أساس الجنس والوصم الثقافي والممارسات التقليدية العنيفة. وفي غياب الدعم والحماية وفي ظل معاناتهن من الضعف الشديد، غالباً ما تجد النساء الأرامل في الدول النامية انفسهن في عزلة اجتماعية ومالية. وفي الكثير من الأحيان يجبرهن كفاحهن من أجل إعالة أنفسهن وأسرهن على إخراج أطفالهن من المدارس، لاسيما الفتيات منهن، ما يؤدي إلى ترسيخ جذور الفقر وتغذية آليات التكيف الضارة الأخرى كالزواج المبكر والاستغلال الجنسي.
للمزيد عن انتهاكات الحقوق بحق الأرامل اضغط هنا.
باتباع نهج الفنار في العمل الخيري الاستثماري، بدأ البحث عن المؤسسات الاجتماعية الطموحة المكرسة لتمكين النساء المستضعفات والمعيلات لأسرهن اقتصادياً، والتي تسعى في الوقت ذاته إلى تحقيق استدامتها المالية من خلال توليد الإيرادات ذاتياً.
وبتوجيه من مدير الفنار في مصر، شنودة بسادة، بدأت عملية اختيار تنافسية وتقييم العديد من الطلبات واستكمال إجراءات العناية الواجبة. وبعد الحصول على موافقة مجلس إدارة الفنار والصندوق العالمي للأرامل، تم تقديم أول منحة خيرية استثمارية للمنظمة غير الحكومية المصرية ’حواء المستقبل‘.
تأسست مؤسسة حواء المستقبل التي يقع مقرها في المنيا في صعيد مصر، جنوب القاهرة، عام 2001 بهدف تمكين النساء من خلال تعزيز تنمية المجتمع. وتشمل مبادراتها مجموعة واسعة من الأنشطة، من التمكين الاقتصادي، بما في ذلك توفير التمويل المتناهي الصغر، إلى الدفاع عن الحقوق القانونية، ورفع الوعي بقضايا الصحة الإنجابية، ومكافحة ظاهرة ختان الإناث.
وفي عام 2012، ومن خلال منحة قدرها 25,000 دولار من الصندوق العالمي للأرامل، قامت مؤسسة الفنار بدمج هذا التمويل المشروط مع دعمها الإداري القائم على الإشراف والمتابعة عن كثب لمؤسسة حواء المستقبل. وفي غضون عام واحد، قدم المشروع التجريبي التدريب المهني فضلاً عن محو الأمية المالية لنحو 250 أرملة ومعيلة في ثلاث قرى تعاني من نقص الخدمات في محافظة المنيا، بالإضافة إلى منح هؤلاء النساء فرص الوصول إلى القروض المتناهية الصغر بتكلفة ميسورة من أجل إنشاء مشاريعهن الصغيرة.
وفي غضون اثني عشر عاماً، تحولت هذه المبادرة التجريبية الصغيرة إلى برنامج تمكين اقتصادي ناجح، أدى إلى تحسين حياة أكثر من 23,000 أرملة في 108 قرى في خمس محافظات في جميع أنحاء مصر هي المنيا، وبني سويف، والإسكندرية، والأقصر، وسوهاج.
ومع قيام مؤسسة حواء المستقبل بتوسيع نطاق وصولها إلى المحافظات الأخرى، شرعت باختيار المزيد من المؤسسات غير الربحية المهتمة بتمكين المرأة اقتصادياً وتدريب تلك المؤسسات على قيم مبادرة أمل ونهجها في العمل. وحتى الآن، قامت أمل بتدريب وتمويل أربعة شركاء لتعزير تأثيرها وتوسيع نطاق انتشارها. كما تتعاون المبادرة حالياً مع خمسة شركاء جدد للقيام بالمزيد من التوسع.
وعلى مر السنين، اجتذب مشروع أمل المزيد من الدعم من شركاء تمويل إضافيين، من بينهم الوكالة البريطانية للتنمية الدولية UKAID، والشركة المصرية العملاقة في مجال التطوير العقاري ’سوديك‘ SODIC، ومؤسسة ’ذا هول بلانيت‘ The Whole Planet Foundation ومصرف ’إتش إس بي سي‘ HSBC، بالإضافة إلى العديد المانحين الأسخياء من الأفراد لمؤسسة الفنار. وقد مكّن هذا التمويل الجماعي الذي حصل عليه البرنامج على مر السنين من التوسع والتطور تدريجياً.
وفي عام 2024، وبتمويل من مؤسسة فورد، ستتعاون مؤسسة الفنار مع الصندوق العالمي للأرامل ومؤسسة حواء المستقبل لتوثيق إجراءات التشغيل الموحدة لامتياز أمل الاجتماعي. ويأتي ذلك استعداداً للمزيد من التوسع في جميع أنحاء مصر والتكرار الممنهج والقائم على القيم لهذا النموذج في كل من لبنان وفلسطين.
من جانبه، يقول شريف لبيب، مؤسس ومدير مؤسسة حواء المتقبل متأملاً رحلة مؤسسته: "عندما بدأنا، لم نكن نتطلع إلى أكثر من عام واحد. لكن نجاح البرنامج أثار اهتمامنا لاستكشاف سبل توسيع النموذج وتحسينه وجعله مستداماً".
"لا يكفيني تعليم الأرامل صيد الأسماك بل أسعى لأن يمتلكن البحيرة بأكملها".
هيذر إبراهيم، مؤسسة ومديرة الصندوق العالمي للأرامل
يخدم مشروع أمل الأرامل المحرومات والمستضعفات، فضلاً عن "الأرامل من الناحية الوظيفية"، أي النساء اللاتي يعاني أزواجهن من مرض عضال أو غير القادرين على العمل، أو النساء المطلقات أو المهجورات أو المتزوجات من العمّال الموسميين الذين يفتقرون إلى دخل ثابت. وتتحمل تلك النسوة مسؤولية تلبية الاحتياجات المالية لأسرهن.
1. بناء القدرات والتدريب على المهارات
يساعد مشروع أمل الأرامل على تطوير مهاراتهن المهنية والمالية لمساعدتهن على بدء مشاريعهن الخاصة. ويغطي التدريب المهني مجموعة متنوعة من المجالات مثل تربية الدواجن والماشية وتصفيف الشعر وإنتاج الغذاء وغيرها. ويتم توفير التدريب على الثقافة المالية بطريقة بسيطة وسهلة، ويشمل موضوعات أساسية في مجال إدارة الأعمال مثل إدارة الجملة والمخزون والتسويق وخدمة العملاء.
2. التمويل المتناهي الصغر لتحقيق التأثير الاجتماعي
عند استكمالهن للتدريب، تصبح النساء مؤهلات للتقدم بطلب للحصول على قرض أمل المتناهي الصغر لبدء مشاريعهن التجارية. وتقدم أمل خيارات مختلفة للقروض بأسعار فائدة منخفضة بناءً على نوع المشروعات الصغيرة التي ترغب الأرامل بتأسيسها. ونظراً لارتفاع معدلات التضخم بشكل مطرد في مصر، تبدأ القروض الأولية من 10,000 جنيه مصري (214 دولاراً – وقت كتابة هذا التقرير) وحتى 40,000 جنيه مصري (850 دولاراً)، مع شروط سداد محددة بفائدة 14 بالمئة على مدى 10 إلى 18 شهراً. ويُذكر أن مؤسسات الإقراض المتناهي الصغر التجارية في مصر تفرض عادةً أسعار فائدة أعلى تتراوح بين 24 و40 بالمئة على القروض الصغيرة المماثلة.
وقد سجلت الأرامل المستفيدات من مشروع أمل معدلاً مذهلاً لسداد الائتمان بلغ 99 بالمئة، في حين أعربت 97 بالمئة منهن عن رغبتهن في توسيع أعمالهن وزيادة حجم قروضهن الصغيرة. وفي المتوسط، تحقق تلك الأرامل زيادة بنسبة 38 بالمئة في دخلهن المنزلي بفضل الدعم الذي يقدمه لهن المشروع. ويقول شريف لبيب من مؤسسة حواء المستقبل أن "هذه النتائج تؤكد على الطلب الكبير على مشروع أمل وعلى قدرته على إحداث تغيير إيجابي".
3. جمعيات الادخار والقروض للأرامل (وصالة)
يتم تشجيع الأرامل والمعيلات اللاتي يفتقرن إلى الوصول إلى الخدمات المصرفية أو يفتقدن للخبرة المالية السابقة على تأسيس مجموعات تسمى جمعيات الادخار والقروض للأرامل (وصالة). ويتم في إطار هذه الجمعيات، التي ابتكر فكرتها وطورها الصندوق العالمي للأرامل، تشجيع الأرامل والمعيلات على بناء الثقة من خلال الاشتراك في قرض واحد بدلاً من البحث عن قروض صغيرة فردية. وللقيام بذلك، تجتمع مجموعات من 15 إلى 20 سيدة مرتين شهرياً لتوفير جزء من دخلهن بشكل جماعي. وتصبح هؤلاء النساء مالكات لأسهم في ما هو فعلياً مصرف للأرامل. ويقوم مشروع أمل بعد ذلك بمضاعفة مدخراتهن المجمعة، مما يتيح لهن الاستفادة منها بطريقة فعّالة.
وتوافق العضوات في جمعيات ’وصالة‘ على تقديم القروض لبعضهن البعض من أجل تأسيس أو توسيع أعمالهن، أو في أوقات الحاجة. كما تحدد العضوات في كل مجموعة بشكل جماعي أسعار الفائدة على القروض ويتم ضمان المساءلة المتبادلة من خلال الضمانات الاجتماعية التي يتم تعزيزها من خلال الاجتماعات الدورية.
وتوفر الطبيعة الجماعية لمجموعات ’وصالة‘ للأرامل الفرصة للقيام باستثمار أولي والتعرّف على فوائده عندما يشهدن التأثير الإيجابي للقروض التي توافق عليها المجموعة على العضوات الأخريات.
وقد عبّرت إحدى الأرامل المشاركات في مجموعة من مجموعات ’وصالة‘ عن رضاها عن نمو مدخراتها في حديث مع منصة سيركل قائلة: "يسعدنا أن نرى مدخراتنا تنمو ونشعر بالراحة لوضع أموالنا في مكان آمن. إن فكرة المساهمة بمبالغ صغيرة، ومن ثم سحب مبلغ كبير عندما يحين دورنا، يمكّننا من تحقيق الكثير".
ووصفت مشاركة أخرى في هذه الجمعيات كيف عزز المشروع الروابط المجتمعية قائلة: "إن توفير المال يمنحني هدفاً ... إنه يشعرني بالقدرة على الإمساك بزمام الأمور والتمكين والقوة وبأنني قادرة على فعل الكثير من الأشياء. كما عززت هذه المبادرة إحساساً أعمق بالانتماء للمجتمع والتضامن فيما بيننا نحن النساء. فنحن نلتقي أسبوعياً، وندخر الأموال سوياً وندعم بعضنا البعض".
من جهتها، تؤكد إبراهيم على أن "مشروع أمل يعمل وفق القاعدة الذهبية ’من يملك الذهب يضع القوانين‘ فمجموعات ’وصالة‘، على وجه الخصوص، تساعد الأرامل على إدراك هذه القاعدة وتولي السيطرة الكاملة على رحلتهن نحو التمكين الاقتصادي".
4. العقود الاجتماعية
يتضمن الجانب الأخير من أمل رفع مستوى الوعي، حيث يقوم مسؤولو القروض لدى المشروع بتيسير جلسات تثقيفية، تنظمها وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية المصرية، ويتم فيها تسليط الضوء على حقوق الأرامل واستحقاقاتهن، كالمعاشات التقاعدية والتأمين الصحي والمساعدات التعليمية لأطفالهن. بالإضافة إلى ذلك، يساعد مشروع أمل عميلاته في الحصول على بطاقات الهوية الوطنية، مما يمكنهن من الوصول إلى أشكال أخرى من الحماية والدعم الاجتماعي.
منذ انطلاقته في عام 2012، شهد مشروع أمل نمواً ملحوظاً. فقد بدأت هذه المبادرة بدعم 250 أرملة فقط في ثلاث قرى بالمنيا، لكنها توسعت ونجحت بتمكين أكثر من 23,000 سيدة في 108 قرى عبر خمس محافظات في مصر هي المنيا، وبني سويف، والإسكندرية، والأقصر، وسوهاج.
وقد أصبح هذا التوسع ممكناً من خلال الاختيار الدقيق لمؤسسات التمويل المتناهي الصغر المحلية المناسبة وتدريبها في مجالات النمو المستهدفة. وقد وفّرت مؤسسة حواء المستقبل حتى الآن التدريب والمنح من الباطن لجمعية إعادة التأهيل المجتمعي بالإسكندرية، وجمعية مفتاح الحياة (الأقصر)، والجمعية النسائية لتحسين الصحة (سوهاج)، وجمعية أنا مصري (قنا).
وقد حصلت 16 بالمئة من الأرامل المستفيدات من مشروع أمل والبالغ عددهن 23,000 أرملة على قروض متعددة. وفي المتوسط، تزيد الأرامل دخلهن المنزلي بنسبة 38 بالمئة، مما يؤكد على فعالية برامج القروض المتناهية الصغر التي تدار بشكل جيد.
علاوة على ذلك، اكتسبت الأرامل المستفيدات من مشروع أمل خبرات في مجموعة متنوعة من الصناعات، بما في ذلك تربية الحيوانات، وإنتاج الأغذية، وتجارة التجزئة، وخدمات التجميل، واستفدن من التدريب على المهارات الشخصية الأساسية في مجالات القيادة وريادة الأعمال والتواصل الفعّال.
وبفضل أمل، تمكنت الأرامل من سداد ديونهن، وإرسال أطفالهن إلى المدارس، وبناء مدخراتهن، وتوظيف أشخاص آخرين للعمل في مشاريهن - بما في ذلك زميلاتهن الأرامل فضلاً عن الرجال للمساعدة في أعمالهن التجارية.
وساهمت المبادرة أيضاً في تسهيل حصول الأرامل على المساعدات الحكومية، حيث نجحت حوالي 600 أرملة في التسجيل للحصول على معاشات تقاعدية وغيرها من خدمات الدعم الأساسية بعد مشاركتهن في جلسات التثقيف التي يسرتها مبادرة أمل.
وأصبحت النساء اللاتي علقن في السابق في حلقات الفقر التي لا يمكن كسرها من دون ارتكاب أي خطأ من طرفهن قادرات على إعالة أسرهن وإعادة رسم المستقبل لهن لأبنائهن وأحفادهن.
علاوة على ذلك، أحدثت المبادرة تأثيراً عميقاً على احترام الأرامل لذاتهن ومكانتهن الاجتماعية. فوفقاً لاستطلاع أجري عام 2024، أفادت 94 بالمئة من الأرامل المستفيدات من مبادرة أمل أنهن يشعرن بالتمكين الاقتصادي، و70 بالمئة منهم أنهن عززن مكانتهن الاجتماعية في مجتمعاتهن و93 بالمئة بأنهن اكتسبن المزيد من الثقة بأنفسهن، لا سيما فيما يتعلق بالمطالبة بحقوقهن القانونية.
كما حظيت جهود مبادرة أمل بالاعتراف في أروقة السلطة في مصر. فمنذ بداية المشروع، تم سن قانونين جديدين لتوفير حماية أكبر للنساء الأرامل. وفي عام 2017، أصدرت مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة في البلاد قانوناً جديداً لحماية حقوق الأرامل في الميراث وتجريم حرمانهن منه. وبعد عام واحد، قامت الدكتورة مايا مرسي، التي تشغل الآن منصب وزيرة دولة، بإصدار معاشات تقاعدية لصالح 50,000 أرملة ومعيلة.
وفي هذا الصدد تقول إبراهيم: "نحن محظوظون لأن وزيرة الدولة مايا مرسي هي حليف قوي لنا ... لقد قامت بتغيير قانونين اثنين في مصر لدعم الجهود التي نقوم بها لأنها تعي تماماً أهمية معالجة المشاكل التي تعاني منها الأرامل ووضع حد لمعاناتهن".
أصبحت زينب، وهي أم لطفلين، أرملة في سن الرابعة والعشرين. ومع هذا التغيير المؤسف في حياتها انتقلت الشابة للعيش في منزل عائلة زوجها الراحل، ثم انتقلت بعدها للإقامة في منزل والدها. لكن بفضل الدعم الذي حصلت عليه من مشروع أمل، تمكنت زينب من افتتاح متجر صغير لبيع مستلزمات الغسيل والسلع المنزلية الأخرى بالقرب من منزلها في المنيا بصعيد مصر. وعندما بدأت زينب، التي أصبحت اليوم في الـ 33 من عمرها، مشروعها التجاري، واجهت صعوبات في الحصول على ائتمان ميسور التكلفة. غير مبادرة أمل جعلت ذلك ممكناً بالنسبة لها، وعن ذلك تقول: "كنت اقترض الأموال من البنوك، وكان سدادها باهظ الثمن. لكن بعد أن سمعت عن مشروع أمل، تقدمت بطلب للاستفادة منه وبالفعل حصلت على قرضين اثنين، أحدهما بقيمة 10,000 جنيه (212 دولاراً) والآخر بقيمة 15,000 جنيه (320 دولاراً)". وتضيف زينب قائلة: "لقد منحني حجم هذين القرضين وشروط السداد المرونة التي احتاج إليها، وأصبح بإمكاني الآن الادخار كذلك ... وبالإضافة إلى توسيع أعمالي، أستطيع الآن توفير المال للقيام بتحسينات في منزلي. إنها قروض مناسبة جداً بالنسبة لي لأنني أستطيع سدادها بالتقسيط وعبر بوابة الدفع الرقمية وبالتالي يسهل علي إدارتها".
قامت مؤسسة الفنار بجمع وإدارة 10 منح لصالح مؤسسة حواء المستقبل منذ عام 2012، بقيمة إجمالية قدرها 1,197,705 جنيه استرليني. وقد استخدمت مؤسسة حواء المستقبل هذا التمويل لتشغيل مشروع أمل بأكمله وقامت بتغطية النفقات المتعلقة بالتدريب المهني والمالي والقروض المتناهية الصغر وجمعيات الادخار والقروض للأرامل (وصالة).
وبالإضافة إلى الدعم المالي، تقدم مؤسسة الفنار، في إطار الالتزام التام للصندوق العالمي للأرامل، دعماً إدارياً قائماً على الإشراف والمتابعة عن كثب كجزء مما تقدمه في إطار العمل الخيري الاستثماري. ويتضمن ذلك اجتماعات المساءلة الأسبوعي، وجلسات التدريب المنتظمة، وفرص تطوير مهارات المؤسسات الاجتماعية، وتخطيط الأعمال، وعمليات إعادة التقدير والتدقيق.
ومقابل كل جنيه إسترليني يتم صرفه على شكل منح أو قروض بدون فوائد، تساهم مؤسسة الفنار بمبلغ 0.63 جنيه إسترليني على شكل دعم لإدارة الأثر والأعمال. ويتيح ذلك لمؤسسة حواء المستقبل والمؤسسات الاجتماعية الأخرى التي تدعمها الفنار زيادة مستوى الأثر الذي تحدثه على المجتمعات المحرومة وتحقيق المزيد من الإيرادات المولدة ذاتياً بأكثر من ثلاثة أضعاف.
وتوضح عطا الله بالقول: "غطت مؤسساتنا الاجتماعية في المتوسط 66 بالمئة من التكاليف في عام 2023 من خلال الإيرادات المولدة ذاتياً ... إن معدل استرداد التكاليف القريب من نقطة التعادل لمشروع أمل ليس الوحيد فقط، إذ تحقق 52 بالمئة من محفظة الفنار تأثيراً يتماشى مع الإيرادات أو عند نقطة التعادل".
وتضيف قائلة: "إن هذا التركيز الفريد من نوعه على مساعدة المشاريع الاجتماعية التي ندعمها على تحقيق الاكتفاء الذاتي هو السمة المميزة لمؤسسة الفنار والالتزام الذي نقطعه تجاه جميع الجهات المانحة لنا، بما في ذلك الصندوق العالمي للأرامل. وعلى هذا النحو فإننا نضمن أننا وشركاؤنا سوف نكون قادرين على إحداث تأثير إيجابي طويل المدى على حياة الأرامل وجميع الفئات المستضعفة الأخرى التي ندعمها".
وبعد التدقيق المالي الأخير الذي أجرته مؤسسة الفنار، قامت مؤسسة حواء المستقبل بتعزيز نظم المحاسبة المالية والمحاسبة الإدارية وانتقلت لاستخدام برنامج زيرو المحاسبي ورقمنت نماذج التدريب الأساسية لتعميم وتوسيع نطاق التدريب الذي تقدمه للشركاء، وتحولت إلى المدفوعات غير النقدية لعملائها، وأنشأت منصات تنسيق لتسهيل التعاون بين العدد المتزايد من شركاء مشروع أمل.
ومن خلال خدمة الفنار لإدارة الأثر (AIM)، ساعدت الفنار مؤسسة حواء المستقبل في إنشاء واستخدام تطبيق رقمي يساعد في مراقبة التقدم المحرز وفقاً لمؤشرات قياس الأثر والمقاييس المالية. ومن خلال الوصول إلى تكنولوجيا ذكاء الأعمال التي توفرها مؤسسة الفنار للمؤسسات الاجتماعية فإنها تصبح قادرة، وغالباً لأول مرة، على تصور تأثيرها بشكل فعال واتخاذ قرارات إدارية قائمة على الأدلة. كما تعمل خدمة الفنار لإدارة الأثر على تخفيف أعباء إعداد التقارير بينما تسمح لهذه المؤسسات بتصميم دعمها الإرشادي والإداري بشكل أكثر دقة.
تميز مشروع أمل الذي تم تحسينه على مدار 12 عاماً بنهج أثبت فعاليته على مر الزمن. وبفضل الدعم المالي الذي تم الحصول عليه من مؤسسة فورد تتعاون مؤسسة الفنار مع كل من الصندوق العالمي للأرامل ومؤسسة حواء المستقبل لتوثيق إجراءات التشغيل القياسية للمشروع وإضفاء الطابع الرسمي عليها في "دليل الامتياز الاجتماعي"، المقرر الانتهاء منه بحلول الربع الثالث من عام 2024.
وستعمل هذه الأداة على تسريع وتيرة تنفيذ البرنامج في جميع أنحاء مصر وخارجها من خلال تبسيط عملية تحديد المزيد من مؤسسات التمويل الأصغر المجتمعية وتأهيلها لتنفيذ المشروع. ويركّز الفريق حالياً على البلدان الأخرى التي تقوم فيها الفنار بأنشطة خيرية، وهي لبنان وفلسطين، لتحقيق النمو الفعّال وضمان الحصول على قيمة مثلى مقابل المال.
يؤكد نجاح مشروع الأمل على ما يمكن تحقيقه من خلال الشغف والثقة والتعاون.
من جهته، يقول شنودة بسادة، مدير مؤسسة الفنار في مصر: "لم يقم الصندوق الدولي للأرامل بتمويل نمو مشروع أمل على مر السنين فحسب، بل أظهر أيضاً إيماناً قوياً بكل من الفنار ومؤسسة حواء المستقبل ... في بعض الأحيان، لم نكن متأكدين كيف سيكون ذلك، ولا أعتقد أن الصندوق الدولي للأرامل أو مؤسسة حواء المستقبل كان لديهما فكرة أيضاً. ولكنك عندما تؤمن حقاً بشيء يحدث فرقاً ملموساً في حياة الناس، فإن الفرص تنشأ من تلقاء نفسها"
تعزو إبراهيم الكثير من نجاح مبادرة أمل إلى شراكاتها، إذ تقول: "يسعى الصندوق العالمي للأرامل إلى التعامل دائماً مع شركاء محترفين للغاية وعلى دراية تامة بكل عمل يقومون به، ويدركون أهمية أنظمة البيانات، ويعملون بنزاهة، ولديهم شغف حقيقي بإحداث تأثير. وهذا بالضبط نوع الشركاء الذين تعاملنا معهم [في هذا المشروع]".
وقد عقدت مؤسسة الفنار والصندوق العالمي للأرامل ومؤسسة حواء المستقبل اجتماعات أسبوعية على مدار العقد الماضي لمناقشة كل ما يتعلق بمشروع أمل. وعن ذلك تقول عطاالله: "منذ عام 2011، نجتمع كل أسبوع لمراجعة النتائج وتحري الأخطاء وإصلاحها وتصحيح المسار والاحتفاء بالتقدم المحرز". وتضيف قائلة: "يمثل ذلك شراكة حقيقية. فنجاح أمل مستمد من الإبداع المشترك والتخطيط الاستراتيجي المرن والاستعداد للتكيف بناءً على البيانات والظروف المتغيرة".
ويعكس الطموح لتوسيع مشروع أمل إلى امتياز اجتماعي يصل إلى جميع أنحاء مصر والدول العربية الأخرى رؤية مشتركة لإثبات فعالية هذا النهج المنخفض التكلفة الذي ينطلق من القاعدة إلى القمة في رفع المستوى المعيشي لعدد إضافي من الأرامل والمعيلات يبلغ 20,000 أرملة ومعيلة في نصف الوقت المعتاد، إن لم يكن أسرع. وفي حال نجح هذا المشروع، فسيكون بمثابة أول توسع لمؤسسة الفنار من خلال الامتياز الاجتماعي.
وتسعى المؤسسة إلى تطبيق الدروس المستفادة على المشاريع الاجتماعية الأخرى في محفظتها التي تفكر في اتباع مسارات مماثلة لتحقيق النمو. وعن ذلك تقول عطاالله: "إن أمل ليس مجرد مشروع ’يشعرك بالرضا حيال ما تقوم به‘ وينتهي عندما ينضب التمويل".
وتضيف قائلة: "من خلال مزيج من الدعم المالي والتوجيه الفني والمساعدة غير المالية وإدارة الأثر أنشأنا وشركاؤنا حافزاً ذاتياً لإحداث للتغيير سيستمر في التأثير بشكل إيجابي على حياة المزيد من الأرامل، حتى بعد انتهاء عملنا. ومن خلال توسيع نطاق المشروع سيحظى المزيد من الأطفال بفرص ربما لن تكون متاحة لهم وسوف يكبرون ويعيدون تشكيل مستقبل منطقتنا".
وتأمل عطاالله أن تكون أمل نموذجاً لرواد العطاء والجهات المانحة من الشركات داخل المنطقة العربية وخارجها يسلط الضوء على فوائد الاستثمار الاجتماعي الصبور والتعاوني والمتعدد الأبعاد.
وتختتم إبراهيم برؤيتها للتمكين الاقتصادي الحقيقي والاستدامة الحقيقية: "لا يكفيني تعليم الأرامل صيد الأسماك بل أسعى لأن يمتلكن البحيرة بأكملها. فعندها سيكون لديهن القدرة على تحقيق دخل من حقوقهن في الشحن وصيد الأسماك والشاطئ، وغير ذلك الكثير، وعندها فقط سيتمكن من تحقيق التمكين الاقتصادي الحقيقي والاستدامة الحقيقية".
"نجاح أمل مستمد من الإبداع المشترك والتخطيط الاستراتيجي المرن والاستعداد للتكيف بناءً على البيانات والظروف المتغيرة".
المديرة التنفيذية لمؤسسة الفنار
تأسست الفنار، وهي أول منظمة متخصصة في العمل الخيري الاستثماري في المنطقة العربية، عام 2004 بهدف تقديم التمويل المخصص والدعم الإداري للمؤسسات الاجتماعية الواعدة من أجل توسيع نطاق تأثيرها وتعزيز استدامتها المالية. ومن خلال الدمج بين مبادئ الاستثمار في القطاع الخاص والعطاء الخيري، توفّر الفنار للمانحين منصة شفافة وموثوقة لإحداث تغيير إيجابي ومستدام. وحتى الآن، قدمت الفنار منحاً بلغ مجموعها 8 ملايين جنيه استرليني لـ 98 مؤسسة اجتماعية في مصر ولبنان والأردن وفلسطين. وقد حققت هذه المؤسسات بدورها 18 مليون جنيه إسترليني من خلال بيع السلع والخدمات. وتركت مؤسسة الفنار المسجلة في المملكة المتحدة حتى اليوم بصمة إيجابية في حياة نحو 400,000 من النساء والأطفال المستضعفين. وبالإضافة إلى مشروع أمل، تميزت الفنار بدعم قصص ناجحة من بينها ’فابريك إيد‘ FabricAid و’بريدج‘ Bridge ومنصة Bridge. Outsource. Transform (B.O.T) وطبشورة ومبادرة ’علمني‘. اقرأ المزيد
تأسس الصندوق العالمي للأرامل (GFW)، وهو منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، في عام 2009 من قبل المصرفية السابقة في وول ستريت هيذر إبراهيم، مدفوعاً برغبتها في تصحيح الظلم الذي تعرضت له جدتها المصرية بسبب حرمانها من الميراث. وبالإضافة إلى تعزيز نمو أمل وتأسيس فكرة جمعيات الادخار والقروض ’وصالة‘ وتطبيقها يقدم الصندوق الدعم للأرامل في مصر وكينيا وتنزانيا والهند والكاميرون ونيجيريا. وقد عملت ابراهيم مع أكثر من 100 دولة عضو في الأمم المتحدة لاعتماد أول قرار للجمعية العامة في العالم لحماية حقوق الأرامل والذي تم تبنيه بالإجماع. وتقديراً لجهود إبراهيم الدؤوبة تم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام عام 2021. اقرأ المزيد
تأسست مؤسسة حواء المستقبل، هي واحدة من المنظمات غير حكومية الرائدة في المنيا في مصر، عام 2001، بهدف تمكين المرأة. وإلى جانب مشروع أمل، تركز المؤسسة على رفع الوعي بين النساء حول قضايا مختلفة من بينها التعليم والحقوق القانونية والصحة الإنجابية، فضلاً عن مكافحة ختان الإناث. اقرأ المزيد
في أكتوبر 2023، زارت سيركل محافظة المنيا بدعوة من مؤسسة الفنار من أجل لقاء المستفيدات من مشروع أمل. وقامت علياء حجازي بإجراء الأبحاث المتعلقة بدراسة الحالة هذه وحررتها كل من ألكسيس جيمس ولويز ردفيرز.
It's a good idea to use a strong password that you're not using elsewhere.
Remember password? Login here
Our content is free but you need to subscribe to unlock full access to our site.
Already subscribed? Login here