تغيير حياة المحرومين من خلال العمل الخيري الاستثماري
كان الراحل طارق بن حليم يؤمن بأن نهج العمل الخيري الاستثماري قادر على مساعدة هذه المبادرات الواعدة ودفعها نحو النجاح، وتحقيقاً لرؤيته هذه قام بإطلاق مؤسسة الفنار
كان الراحل طارق بن حليم يؤمن بأن نهج العمل الخيري الاستثماري قادر على مساعدة هذه المبادرات الواعدة ودفعها نحو النجاح، وتحقيقاً لرؤيته هذه قام بإطلاق مؤسسة الفنار
تحقق المؤسسات الاجتماعية في المنطقة العربية نتائج أولية مبشرة. غير أن معظمها يكافح من أجل توسيع نطاق عمله. كان الراحل طارق بن حليم يؤمن بأن نهج العمل الخيري الاستثماري قادر على مساعدة هذه المبادرات الواعدة ودفعها نحو النجاح، وتحقيقاً لرؤيته هذه قام بإطلاق مؤسسة الفنار.
تأسست في عام 2004 بهدف رئيسي تركيزه على التعليم وتوظيف الشباب وتمكين المرأة اقتصاديًا، والآن تدعم الفنار المشاريع الاجتماعية في مصر ولبنان والأردن، والدول الأخرى المضيفة لمجتمعات اللاجئين.
يُذكر عن طارق بن حليم، وهو مصرفي استثماري كان يقيم في لندن وينحدر من أصول فلسطينية ليبية، أنه عرّف عن نفسه ذات مرة بأنه "عربي ذو توجه قومي قوي، وفخور جداً بتاريخه العربي". وعلى الرغم من حبه الكبير لوطنه ليبيا، لم تغب عن مخيلته مشاهد الفقر المدقع في المنطقة والمتمثلة في معدلات الوفيات العالية بين الأطفال الرضع، والانتشار الكبير للأمية بين النساء، فضلاً عن عمالة الأطفال في المقالع المصرية التي تحرمهم من حقهم الطبيعي في التعليم وإيجاد مسار خارج دوامة الفقر، ونسبة البطالة المزمنة بين الشباب، إضافة إلى جملة من المشاكل المستعصية التي تعاني منها العديد من المجتمعات العربية.
وعلى الرغم من تلك الحقائق المحبطة، آمن بن حليم بفكرة أن "كل إنسان يملك طاقة كامنة"، وإن كان يقر بـ "عدم توفر الفرصة لكل شخص". وكان بن حليم يأسف للنقص الكبير في الجهود الرامية إلى تلبية الاحتياجات الماسة للناس، وبالنتيجة خلص إلى أنه هو وغيره من رواد الأعمال العرب الناجحين يتحملون مسؤولية مدّ يد العون للفئات الأكثر تهميشاً في المنطقة ومساعدتهم على بناء مستقبل أكثر إشراقاً لهم ولأولادهم.
في عام 2000 بدأ بن حليم العمل من أجل تحقيق ما آمن به، فاستقال من منصبه كمصرفي ناجح، متعهداً أن يستثمر مهاراته في القطاع الاجتماعي، وذلك من خلال دعم المنظمات المكرّسة لـ "تغيير حياة الناس في المجتمعات المحرومة" في كل أرجاء العالم العربي. ولكن السؤال كان كيف يمضي قُدماً؟
كان بن حليم يعلم أن الكثير من المؤسسات الاجتماعية الصغيرة، الربحية وغير الربحية، غالباً ما تأتي بنُهج وأفكار مبتكرة للتصدي للتحديات التي تواجه المنطقة. تقوم بعض هذه المؤسسات، كجمعية "إنعاش" التي تقدم خدماتها في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بتوفير فرص العمل للاجئات، في حين يسعى بعضها الآخر إلى تحسين مستوى التعليم المتاح للطلاب المهمشين، مثلما تفعل مؤسسة "علّمني" في الأحياء الفقيرة في القاهرة.
علاوة على ذلك، كان بن حليم يعلم أن هذه المؤسسات والمنظمات الطموحة غالباً ما كانت تفتقر إلى رأس المال والقدرات الضرورية لتحقيق نمو مستدام. فلكي تنتقل من مرحلة النشأة، كانت تلك المؤسسات بحاجة إلى تمويل طويل الأجل وتوجيه إداري لم يكونا متوفرين سوى ما ندر لدى قطاع العمل الاجتماعي الناشئ في العالم العربي في عام 2004.
لكن من ناحية أخرى، أصبح قطاع الأعمال العالمي مستعداً أكثر من أي وقت مضى لتقديم الدعم للمؤسسات في طور النمو، وذلك من خلال تزويدها برأس المال المجازف والدعم الإداري عن طريق شركات رأس المال الاستثماري. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أصبح رواد العطاء يعتمدون بشكل متزايد على تقنيات رأس المال الاستثماري هذه – وهو ما بات يطلق عليه مصطلح "العمل الخيري الاستثماري" – وذلك بهدف وضع المزيد من المشاريع الاجتماعية الصاعدة على مسار النجاح على المدى الطويل.
قرر بن حليم إدخال منهج العمل الخيري الاستثماري إلى العالم العربي، وذلك انطلاقاً من منطقه القائل أنه إذا استطاعت الفنار تقديم التمويل والتدريب والدعم في مجال الإدارة لتمكين المؤسسات الاجتماعية المحلية من تحقيق التغيير الإيجابي بشكل مستدام، فإن هذه المؤسسات ستكون بدورها قادرة على تمكين المجتمعات المحلية ومساعدتها على حل أصعب المشاكل التي تواجهها بنفسها بعد انتهاء فترة استثمار الفنار.
في عام 2004، أطلق بن حليم "الفنار"، لتصبح أول منظمة متخصصة في العمل الخيري الاستثماري في المنطقة. وقد قال حينئذ: "لست متأكداً من نجاح مشروع الفنار، لكنه قرار يستحق المخاطرة".
تخرج مؤسسة الفنار عن المألوف في نهجها المغاير للمناهج التقليدية المتبعة في المنطقة في ثلاثة جوانب مهمة. أولاً، بدلاً من أن تنضم الفنار إلى القائمة الطويلة من الصناديق التي تعمل على تمويل المنظمات، إما تلك التي في طور التأسيس أو في طور النضج، تسعى الفنار إلى العمل مع المنظمات وهي في الطور الانتقالي بين الطورين السابقين. وهكذا تستهدف الفنار المشاريع الاجتماعية وهي في طور النمو بعد أن تخطت مرحلة النشوء وحققت بعض النجاح، لكنها لا تزال بحاجة إلى المساعدة لتوسيع انتشارها. ولتلبية الاحتياجات التمويلية لهذه المنظمات، تلتزم الفنار بتقديم استثمارات كبيرة ومرنة على مدى عدة سنوات.
ثانياً، بدلاً من العمل على أحد طرفي طيف التمويل – ما بين تقديم المنح من دون طلب استردادها مستقبلاً إلى الاستثمارات التي يتوقع بنهايتها تسديد المبالغ المدفوعة – وهما الطرفان اللذان يلقيان عادةً من يقدم لهما الرعاية والدعم اللازمين، تستهدف الفنار الفجوة المتواجدة بين هذين الطرفين. فهي تتجنب إلزام المنظمات التي تعمل معها على إعادة مبالغ التمويل ما يتيح لتلك المنظمات المرونة اللازمة للاستثمار في تطورها الذاتي، لكنها تقدم في الوقت ذاته منحاً مشروطة بإعادة تسديدها جزئياً.
وتشرح ميشيل موراكادي، رئيسة فرع مؤسسة الفنار في لبنان هذه الفكرة قائلة: "نريد تدريب تلك المنظمات على إعادة تسديد جزء من التمويل، وعلى أن تكون جاهزة للحصول على القروض أو الاستثمارات الرأسمالية بعد انتهاء التعاون معنا". فضلاً عن ذلك، أطلقت مؤسسة الفنار تسمية "متلقي الاستثمار" على المنظمات التي تموّلها، وذلك لتشجيع تلك المنظمات على تبني ذهنية ونماذج عمل تهدف إلى تحقيق الإيرادات على المدى الطويل من أجل ضمان الاستدامة.
ثالثاً، خلافاً للعديد من الجهات الممولة في المنطقة، تقدم الفنار الدعم غير المادي أيضاً. فقد كان بن حليم يؤمن بأن مساعدة "متلقي الاستثمار" على وضع استراتيجيات وخطط عمل وآليات قياس وتقييم فعّالة من شأنه أن يعزز قدرتهم على إحداث أثر مستدام وقابل للتوسع.
وعن ذلك، تقول ميرنا عطااللّه، المديرة التنفيذية لمؤسسة الفنار: "كان طارق على قناعة بأن التمويل ضروري لكنه غير كافٍ لإحداث التغيير"، مضيفة أن "عامل القوة الحقيقي لنجاح العمل الخيري الاستثماري هو تقديم الدعم الإداري الفعّال". فمقابل كل دولار من التمويل الذي تحصل عليه المؤسسة الاجتماعية، تضيف الفنار 0.42 دولار لتوفير الدعم الإداري والتوجيه، كما تفيد عطاالله.
وانطلاقاً من هذه الرؤية، سعت الفنار في البداية إلى اختبار نهجها في مصر، حيث كان حجم الاحتياجات كبيراً، لا سيما في مجالي التعليم وتمكين المرأة في حين كانت البيئة المستقرة نسبياً تشجع على الاستثمار الخيري. بالإضافة إلى ذلك، كانت مصر تضم عدداً كافياً من المؤسسات الاجتماعية في طور النمو والقادرة على إحداث أثر ملحوظ في مجتمعها وإثبات قدرتها على توسيع أعمالها، وبالتالي من المرجح أن تستفيد من نموذج الدعم الذي تقدمه مؤسسة الفنار.
وعلى الرغم من هذه المؤشرات الواعدة، كان بن حليم يدرك تماماً أن تلبية الاحتياجات الكبيرة والمتجذرة في المنطقة في مجال التنمية الاجتماعية إنما يتطلب تضافر الجهود وتنسيقها. ولذلك لجأ بالإضافة إلى إطلاق مؤسسة الفنار بتمويل شخصي منه، إلى الاستعانة بشبكة معارفه لتوظيف ذوي الخبرات المتنوعة، ليشكلوا معاً مجلس إدارة الفنار كأعضاء مؤسسين.
وفي عام 2009، وبعد مرور خمسة أعوام على إطلاق الفنار، توفي طارق بن حليم عن عمر يناهز 54 عاماً بعد صراع مع مرض السرطان. فاجتمع الأهل والأصدقاء إحياءً لذكراه، وأكدوا على إيمانهم والتزامهم بالحفاظ على الأثر المستدام للمبادرة التي كان قد أطلقها. وقد أسهمت رؤيته الراسخة والنجاح المبكر الذي حققه في إقناع مجلس إدارة الفنار أن منهجها جدير بالمتابعة.
وفي ظل قيادة رئيسة المؤسسة لبنى العليان، تعهد مجلس الإدارة بالعمل على إنماء المنظمة ورفع مستوى احترافيتها. وفي العقد الذي تلا وفاة بن حليم، تطورت الفنار لتصبح مؤسسة رائدة في مجال العطاء والمؤسسات الاجتماعية في المنطقة، وبات لديها اليوم مجموعة متنوعة من المانحين المستثمرين تضم أكثر من 2,000 فرد وشركة ومؤسسة. وتدعم هذه الجهات استثمارات الفنار إما من خلال التمويل غير المقيَّد أو من خلال منح المال مباشرة لمتلقي الاستثمار (أي التمويل المقيّد).
"ظلت رؤية الفنار ثابتة وهي تمكين الفقراء والمستضعفين من الحصول على التعليم والفرص التي يحتاجون إليها لعيش حياة منتجة وكريمة"، كما تقول العليان التي منحت قدراً كبيراً من وقتها ونشاطها وعملها الخيري لهذه المؤسسة. فضلاً عن ذلك، يقدم مجلس الإدارة دعماً حيوياً للجهود التي تبذلها الفنار من خلال تغطية نفقاتها العامة.
وبفضل هذا الدعم وتوجيهات فريق الإدارة، نجحت الفنار في تكوين محفظة مشاريعها في مصر ووسعت أعمالها لتصل إلى لبنان الذي كانت ظروفه تلائم نموذج عمل الفنار. وبذلك استثمرت الفنار نحو 7 ملايين دولار أمريكي في 35 مشروعاً اجتماعياً لغاية اليوم. وقد استطاعت المنظمات التي تلقت الدعم وسبل التمكين من مؤسسة الفنار - وإن كان جزئياً أحياناً - أن تحسن حياة نحو 68,217 شخصاً محروماً في سائر أرجاء مصر ولبنان. وتطلعاً إلى المستقبل، تهدف الفنار إلى تمكين ريادة المشاريع الاجتماعية في جميع أنحاء العالم العربي والوصول إلى نصف مليون شخص محتاج خلال السنوات الخمس المقبلة.
يقدم مشروع M Social Catering للخدمات المطبخية من مؤسسة "شارك" (ShareQ) تدريباً على فنون الطبخ فضلاً عن توفير الوظائف للنساء والشباب من ذوي الدخل المنخفض في لبنان. إلى جانب ذلك، يدير المشروع خدمات التعهد بتزويد الطعام بهدف تحقيق الإيرادات لدعم أنشطته. وقد ساعدت الفنار مشروع M Social على وضع خطة استثمارية لوحدة عمل ربحية تبيع أكواب الحمص ونصحته بتحويل ذراعه التدريبية إلى وحدة عمل غير ربحية. وقدمت الفنار التمويل للاستثمارات الأولية في الأجهزة وكادر العمل، واستمرت في دعمها جهود المشروع الهادفة إلى زيادة الإيرادات وتحسين الكفاءة التشغيلية. ومنذ عام، 2015، قامت مؤسسة "شارك" بتدريب 1,333 شخصاً من النساء والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة وساهمت في توفير الوظائف لهم. ومن خلال الدعم الذي وفرته الفنار تمكنت مؤسسة "شارك" من زيادة تأثيرها بنسبة 1,020 بالمئة وأصبحت قادرة على استرجاع ثلث تكاليفها من خلال الإيرادات التي تحققها.
تدعم مؤسسة حواء المستقبل الأرامل والأسر التي تعيلها النساء، لا سيما في المجتمعات الريفية الفقيرة في مصر. ومنذ عام، 2012، تدعم الفنار مشروع "أمل" التابع لهذه المؤسسة الذي يقدم تدريباً لمحو الأمية المهنية والمالية، إلى جانب منح القروض البالغة الصغر وأنماط الدعم الإضافية للشروع بالأعمال الصغيرة. وقد ساعدت الفنار مؤسسة حواء المستقبل في وضع خطة عمل تهدف إلى توسيع عملها، كما ساعدتها في تصميم برنامج تجريبي حول تطوير سلاسل القيمة لبعض المنتجات. إضافة إلى ذلك، نسجت العلاقات بين فريق عمل المشروع وبعض الخبراء والاستشاريين الماليين بهدف مساعدة فريق العمل في شؤون المحاسبة وغيرها، كما أوفدتهم بمهمة دراسية إلى بنغلاديش للالتقاء بمؤسسات التمويل الأصغر والمشاريع الاجتماعية المتميزة هناك. ومنذ عام، 2012، مكّن الاستثمار والدعم الذي قدمته الفنار في مجال الإدارة مؤسسة حواء المستقبل من الوصول إلى نحو 15,000 أرملة وأسرة تعيلها نساء في جميع أنحاء المنيا وبني سويف والإسكندرية. وأصبح مشروع "أمل" يساعد الأرامل على زيادة دخلهن بنسبة 33 بالمئة في المتوسط. كما يعد هذا الاستثمار اليوم مستداماً من الناحية المالية.
"علمني" هي مؤسسة اجتماعية طموحة ومبتكرة تركز على التعليم في مصر. وعندما بدأت الفنار استثمارها في عام 2015، كانت هذه المبادرة عبارة عن برنامج غير رسمي لفترة ما بعد المدرسة وبالتالي كانت تشكل استثماراً محفوفاً بالمخاطر. لكن بعد الاستثمار الذي قامت به الفنار، لم تتحول "علمني" فقط إلى مدرسة مجتمعية مسجلة تقدم خدماتها لـ 288 طفلاً سنوياً بل أخذت توسع نطاق أثرها الإيجابي على المجتمع كذلك. فمن خلال تدريب المعلمين على تطوير مهاراتهم الوظيفية في جميع أنحاء مصر، ترفع المؤسسة من جودة التعليم في 152 مدرسة حكومية منتشرة في تسع محافظات وتتمكن من الوصول إلى 5,000 معلم أو 45,000 طفل. كما أصبحت مؤسسة "علمني" اليوم قادرة على استرداد 65 بالمئة من تكاليفها من خلال عائدات برامجها التدريبية.
تقوم مؤسسة الفنار بتحديد المشاريع الاجتماعية في طور النمو والتي تمتلك الطاقة اللازمة لإحداث أثر اجتماعي ملحوظ والقادرة على تحقيق الاستدامة المالية. وتسعى الفنار إلى إضافة من اثنين إلى ثلاثة متلقين للاستثمارات سنوياً في كل بلد. ولكي يتأهل المتقدم لا بد له أن يكون مسجلاً بصفة مؤسسة غير ربحية أو ربحية، ولديه إثبات لجدوى مشروعه وجاهزيته لتلقي رأس المال واستثماره في النمو. كما ينبغي على المتقدمين اجتياز بعض الاختبارات القياسية وإجراءات الحيطة الواجبة قبل مرحلة مقابلة لجنة الاستثمار ومجلس إدارة الفنار.
ويتم اختبار مجموعة من العوامل بما فيها مدى التزام المنظمة بخدمة المجتمعات الفقيرة والمحرومة، ومدى توفر نموذج لتحقيق الإيرادات بما يضمن استدامتها، فضلاً عن توفر الرغبة لديها في النمو، وتمتعها بفريق قيادة قوي. والأهم من كل ذلك، تختبر الفنار انفتاح المنظمة المرشحة على تلقي الدعم الإداري. فعلى مدار شهر إلى ثلاثة أشهر، تعقد اجتماعات ولقاءات مع فريق قيادة المنظمة ومجلس إدارتها، وتجري مقابلات مع مورديها وأقسامها، كما تستعرض سجلاتها المالية المدققة.
وتقول عطااللّه: "نحاول في تلك المرحلة التحقق مما إذا كانوا يدركون غاياتهم، ويركزون في عملهم على إحداث الأثر، ويثبتون القدرة على تحقيق شروط نموذج العمل، ومن أنهم قادرون على توليد الإيرادات بشكل يمكن الاعتماد عليه".
عندما تحدد الفنار المنظمة التي ستستثمر بها، تقدم لها تمويلاً أولياً لمدة سنة كاملة تصل قيمته إلى 45,000 دولار أميركي، وذلك بهدف اختبار قدرة تلك المنظمة على الاستمرارية والنمو. وخلال تلك السنة، تسعى المنظمة المتلقية للاستثمار إلى إثبات قدرتها على تحقيق مجموعة من معايير الأداء والأهداف المتفق عليها، كتلك المرتبطة بمدى الانتشار والنفاذ (على سبيل المثال، عدد الطلاب المشاركين في الدورات التعليمية) وبالنتائج (عدد النساء اللواتي تم توظيفهن وأجورهن الصافية)، وباسترداد التكاليف. وإذا كشفت هذه العملية أنه من غير المرجح أن يكون نموذج عمل المنظمة مستداماً من الناحية المالية، وأنها ستعتمد على التمويل الخارجي وجمع التبرعات لكي تستمر، فإن الفنار تختار الخروج وإيقاف تعاونها مع تلك المنظمة.
لكن غالباً ما تلتزم الفنار بالتعاون والاستثمار الاجتماعي الطويل المدى. ويعتمد الإطار الزمني المتفق عليه – الذي عادة ما يكون لمدة ثلاث سنوات (وقد يصل إلى خمس سنوات كحد أقصى) – على توقعات خطة العمل. وتقدم الفنار على مدى هذه الشراكة تمويلاً بقيمة تتراوح بين 250,000 و700,000 دولار أميركي. ومن خلال التزام الفنار بتقديم الدعم لسنوات عدة، تكون قد وفرت لمتلقي الاستثمار المرونة اللازمة لتوسيع أفق تفكيرهم، والتخطيط على المدى الطويل، والإقدام على المخاطر المحسوبة.
وكما تقول عطااللّه: "لا يكفّ الناس عن الطلب من تلك المنظمات أن ’تكون جريئة في تفكيرها وأن تخطط على المدى الطويل‘، لكن كيف لها أن تفعل ذلك إذا لم تكن على ثقة من أن ثمة من يدعمها ويأخذ بيدها؟".
يساعد الدعم غير المالي الذي تقدمه الفنار لمتلقي الاستثمار على تعزيز قدراتهم ووضعهم على مسار الاستدامة. وكما يوضح شنودة بسادة، رئيس فرع الفنار في مصر، فإن "العديد من المنظمات التي ننتقيها تفتقر إلى الهياكل الإدارية وخطط العمل المعتمدة".
وبهدف تلبية هذه الاحتياجات، تقدم الفنار مجموعة من أشكال الدعم التأسيسي لكل منظمة تستثمر بها، كتعلم مهارات وضع خطط العمل وتنفيذها، والمهارات الإدارية، وإجراءات قياس الأثر.
وفي عام 2015، أطلقت الفنار برنامج "التدريب حول المؤسسات الاجتماعية المستدامة” (ASSET)، الذي يوفر 12 وحدة تدريبية حول مواضيع تتعلق بالمشاريع الاستثمارية والاجتماعية على حد سواء. كما تعتمد الفنار أيضاً على تقديم الدعم المخصص لتلبية الاحتياجات الخاصة بكل متلقي استثمار على حدة، بما في ذلك إقامة العلاقات مع المستشارين الخبراء، وتنظيم الزيارات التعليمية إلى المشاريع المتميزة والرائدة في البلدان النامية الأخرى (كبرامج BRAC للتخفيف من حدة الفقر في بنغلاديش)، وتوفير المعدات والتكنولوجيا.
ويقدم سبل الدعم المتخصصة هذه فريق مكون من 15 شخصاً متخصصاً في شؤون الاستثمار، يعملون بدوام كامل في كل من مصر ولبنان والأردن والمملكة المتحدة، حيث يكون كل منهم مسؤولاً عن تقديم الدعم لأربعة من متلقي الاستثمار. وبفضل منهاج التدريب القياسي، إلى جانب شبكة العلاقات القوية مع الخبراء المتطوعين، استطاعت الفنار أن تبقي حجم فريقها هذا صغيراً نسبياً وأن تضمن في الوقت ذاته أن يحصل متلقو الاستثمار على الدعم الوافي الذي يحتاجون إليه.
تهدف هذه الآلية التي تدوم بين شهر وثلاثة أشهر إلى الحصول على إجابات على مجموعة أسئلة مكونة من 40 إلى 60 سؤالاً تغطي المجالات التالية:
سعياً من الفنار لمعرفة ما إذا كانت جهودها تثمر النتائج المرجوة والتعرف على إمكانيات التحسين، فإنها ترصد مسار التقدم الذي يحرزه متلقو الاستثمار كما تراقب أداءها هي أيضاً.
ويقوم متلقو الاستثمار بإعداد التقارير حول أدائهم بوتيرة فصلية، والتي تتضمن قياسات الأثر الاجتماعي الذي يحدثونه، وقدرتهم على تحقيق الإيرادات، والتقدم الذي يحرزونه في مجال إقامة النظم والآليات الداخلية المتينة. ويتم قياس كل من هذه الأنشطة وفقاً لأهداف محددة. وتقوم الفنار بتطوير تطبيقات لتتبع الأثر الاجتماعي والاستدامة المالية لكل جهة متلقية للاستثمار وتزودها ببرمجية Qlik لتحليل بيانات الأعمال عبر الإنترنت التي تساعد هذه المنظمات في جمع البيانات وتتبعها وتحليلها بشكل لحظي ومستمر. واستناداً إلى ما يتعلمه متلقو الاستثمار من هذه القياسات، تعمل الفنار معهم بهدف اتخاذ قرارات قائمة على البراهين فيما يخص استراتيجية العمل، وتعديل الأهداف عند الضرورة، وتحديد أنماط الدعم الإضافية الأخرى التي قد تحتاجها المنظمات لاحقاً.
وتقول عطااللّه: "ما نحاول فعله الآن هو تغيير مفهوم إعداد التقارير من كونه واجباً يتعين القيام به. فنحن نريدهم أن ينظروا إليه ويختبروه بوصفه مصدر قوة يساعدهم على اتخاذ قرارات إدارية أفضل".
وسعياً من الفنار لتعزيز تعلمها الذاتي وتحسين أدائها، تطلب من المنظمات المتلقية للاستثمار أن تملأ استبياناً حول أدائها مرتين في السنة من دون ذكر هوية الموظفين المشاركين. وغالباً ما تقدم هذه المنظمات ملاحظات وآراء إيجابية، مشيرة إلى الدعم الإداري والاستشاري المميز الذي يقدمه لها فريق الفنار والذي يمكّنها من تحسين أدائها. وثمة ملاحظات وانتقادات بناءة أيضاً؛ فعلى سبيل المثال، استجابت الفنار لملاحظات المستبينين حول طول إجراءات الحيطة الواجبة، فأعادت النظر في منهج عملها وعملت على تبسيطه.
بلغت معدلات تسرب الطلاب من المدارس في بعض المجتمعات الفقيرة والمهمشة في لبنان 40 بالمئة لأنهم لا يعرفون القراءة. من هنا بدأت جمعية "أنا أقرأ" منذ عام 2009 بمساعدة الأطفال الأكثر عرضة لخطر التسرّب من المدارس الابتدائية الرسمية في لبنان على تحسين مهاراتهم في القراءة.
تسعى جمعية "أنا أقرأ" إلى تطوير مستوى التعليم من خلال مساعدة المعلمين على تطوير مهاراتهم. وخلال السنوات القليلة الأولى لهذه الجمعية قدمت برامج تدريب مجانية للمعلمين، غير أنها كانت تفتقر إلى خطة شاملة تمكّنها من توسيع رقعة انتشارها ووصولها إلى المزيد من الأطفال وتحقيق الاستدامة المالية. وفي عام 2012، شرعت الفنار بالعمل مع الجمعية لمساعدتها ووضعها على مسار أقوى.
قدمت الفنار التمويل والدعم الإداري للجمعية، كما عملتا معاً على تصميم نهج توسعي أسهم في توحيد منهج المنظمة غير الربحية ليصبح دليلاً شاملاً يمكّن المدربين من الاستعانة به أثناء عملهم مع المعلمين وأولياء الأمور والمسؤولين الحكوميين المعنين في لبنان. علاوة على ذلك، أجرت جمعية "أنا أقرأ" تحليلاً للسوق، وقيمت مدى الحاجة إلى خدماتها، كما وضعت خطة عمل جديدة، وأنشأت وحدة مشاريع اجتماعية جديدة لتسويق جهودها تجارياً.
وفي عام 2014، وبدعم من الفنار، وقّعت الجمعية عقدها المدفوع الأول لتقديم خدمات تدريبية للمعلمين. وتابعت مسارها بهدف استرداد جميع التكاليف التشغيلية الابتدائية لوحدة مشاريعها الاجتماعية. وقد أسهمت جمعية "أنا أقرأ" حتى اليوم في تدريب 4,600 معلم يعملون مع حوالي 90,000 طفل في لبنان. فضلاً عن ذلك، أصبحت "أنا أقرأ" جمعية رائدة في مجال تدريب المعلمين، وشاركت منهجها مع جهات خارج لبنان.
ويتمثل الهدف الأسمى لجمعية "أنا أقرأ" على المدى الطويل في الوصول إلى 3,300 معلم و250,000 طفل إضافيين في لبنان، ودعم المنظمات غير الربحية التي تعمل على تحسين مستوى التعليم في بلدان أخرى كذلك.
عملت الفنار منذ نشأتها مع 35 مشروعاً اجتماعياً في مصر ولبنان، واستطاعت الوصول إلى أكثر من 68,000 شخص في ثلاث دول، كما تقود النساء نحو ثلثي الجهات المتلقية لاستثماراتها.
وتعمل الفنار حالياً مع 23 منظمة وأوقفت التعاون مع 13 منظمة أخرى متلقية للاستثمار، وقد كانت غالبية حالات إنهاء التعاون مخططاً لها إثر انتهاء مدة الاستثمار المتفق عليها.
وقد شهدت الفنار تحسناً واضحاً في أداء المؤسسات والمشاريع الاجتماعية التي استثمرت بها مع مرور الزمن، من حيث مدى انتشارها ووصولها، وأثرها في مجتمعها، والإيرادات التي تحققها، ومجمل عملياتها بصورة عامة (راجع "أمثلة عن متلقي استثمارات الفنار" في الصفحة رقم 6). وفي المتوسط، أصبحت هذه المؤسسات قادرة على الوصول إلى عدد أكبر من الناس بنسبة 35 بالمئة وتعزيز إيراداتها بنسبة 39 بالمئة خلال فترة الاستثمار وذلك بفضل دعم الفنار لها. على سبيل المثال، استطاعت جمعية "أنا أقرأ" لتدريب المعلمين، بتوجيه ودعم من الفنار، أن تتحول إلى مشروع اجتماعي يحقق الإيرادات ويقدم خدمات ومنتجات تربوية أثبتت فعاليتها، ما يمكنها من إحداث الأثر المستدام في المدارس وتحقيق نمو ملحوظ.
كما ساعدت الفنار منصة التعليم الإلكتروني "نفهم" في تحسين عروضها. فقد قامت المنصة بتحديثات مهمة لواجهة مستخدميها بغية تعزيز تجربة التعلُم لدى الطلاب، مستندة بذلك إلى نتائج تقييم الفنار لمخرجات التعلُم في المنصة.
وتؤكد يمنى صالح، مستشارة البحث والتقييم في منصة "نفهم"، على قيمة الشراكة مع الفنار فتقول: "لقد أجرينا عملية التقييم معاً، وخلال تلك العملية اقترح فريق عمل الفنار خطوات عديدة للتحسين وكانوا مهتمين جداً بالنتائج والدروس المكتسبة. لقد كانت هذه العملية مميزة وفريدة من نوعها."
"عامل القوة الحقيقي لنجاح العمل الخيري الاستثماري هو تقديم الدعم الإداري الفعّال."
ميرنا عطااللّه، المديرة التنفيذية لمؤسسة الفنار
على الرغم من التقدم العام الذي أحرزته الفنار، كان للمؤسسة تجارب مختلفة مع متلقي الاستثمار على نطاق محفظتها. فلم يكن بمقدورهم جميعاً تحقيق أهدافهم الأولية ضمن الفترة المحددة بين ثلاثة إلى خمسة أعوام، والتي تلي فترة التمويل التجريبي الأولي. وينطبق هذا بوجه خاص على المنظمات التي تعمل مع اللاجئين، نظراً للظروف والبيئة القانونية الصعبة التي تعمل في إطارها.
وتدرك الفنار أن رواد المشاريع الاجتماعية يواجهون تحديات كبيرة في السوق. ولذلك اتفقت مع بعض متلقي الاستثمار على تمديد دعمها المادي والعملي لهم إلى ما يتجاوز الخمس سنوات بغية منحهم فرصة أكبر للتغلب على الصعوبات ومرافقتهم ومد يد العون لهم في الأوقات العصيبة. وخلال استجابتها لجائحة كوفيد-19 على سبيل المثال، واصلت الفنار تقديم دعمها المادي والعملي.
إلى ذلك كان يتعين على الفنار دراسة عدد كبير من المنظمات لانتقاء ما يناسب محفظتها الصغيرة نسبياً. فجزء صغير فقط من المنظمات المتقدمة بطلب المساعدة من الفنار تحقق معاييرها للتمويل التجريبي الأولي والمتمثلة في أن تكون تلك المنظمات الاجتماعية في طور النمو ومنفتحة على تلقي الدعم الإداري وجاهزة للقيام بأنشطة الاستثمار الاجتماعي المدرة للإيرادات.
وفي ظل هذا المردود المنخفض لا شك في أن حاجة المنطقة تتجاوز بكثير حجم محفظة الفنار. وتقول موراكادي: "ثمة منظمات نرغب في دعمها، غير أننا لا نملك القدرة الكافية لذلك".
ولكي توسع الفنار محفظتها وتحقق هدفها الاستراتيجي الجديد المتمثل في تحسين حياة 500,000 شخص في السنوات الخمس القادمة، تعمل على تنويع وتعزيز قدراتها على توفير التمويل والتبرعات.
ولتحقيق هذه الغاية، تسعى الفنار إلى بناء المزيد من الشراكات الطويلة الأمد كشراكتها مع شركة سوديك العقارية في مصر، التي دعمت محفظة استثمارات اجتماعية تصل إلى ما يفوق 20,000 شخص. إضافة إلى ذلك، تشارك الفنار أفضل الأفكار والمقترحات مع منظمات الإغاثة والمؤسسات الخيرية والمستثمرين في المجالات ذات الأثر الاجتماعي المهتمين بتمويل المؤسسات الاجتماعية التي تثبت قدرتها على العمل باستقلال واستدامة.
وتطلعاً للمستقبل، تعمل الفنار على استكشاف السبل التي تتيح لها خلق أثر اجتماعي يتجاوز محفظة أعمالها المباشرة. فهي تستكشف على سبيل المثال فرص مشاركة برنامجها التدريبي ASSET على منصة عامة، وذلك انطلاقاً من أن خيارات التدريب الأخرى المتاحة في المنطقة قليلة جداً.
وتقول موراكادي: "سيكون الأمر بمثابة هدر للموارد لو أننا وفرنا هذا البرنامج فقط للمنظمات التي نساعدها. فما نسعى إليه هو إيصال برنامجنا التدريبي إلى أكبر عدد ممكن من المستفيدين بهدف تزويدهم بالأفكار التي تساعدهم على أن يكونوا أكثر استدامة".
بالإضافة إلى ذلك، تستكشف الفنار إمكانيات عقد الشراكات بغية التوسع إلى مناطق ومساحات جغرافية جديدة. على سبيل المثال، تقدم المؤسسة حالياً برنامجها التدريبي ASSET لـ 60 مؤسسة اجتماعية في الأردن منتشرة في مناطق شرق عمّان وعجلون والطفيلة، كجزء من اتحاد ممول من الاتحاد الأوروبي وبالشراكة مع منظمة بلان انترناشونال ومنظمة رواد.
طبّق وتبنى نهج القطاع الخاص في إدارة الأعمال
أدركت الفنار أهمية اتباع نهج الأعمال الخاصة الذي لا يقبل التساهل في الاستثمار الخيري وجعلت ذلك القاعدة التي يقوم عليها نموذج عمل المؤسسة. وبمرور الوقت، طورت الفنار آلية الحيطة الواجبة ذات المراحل المتعددة لتحديد ما إذا كانت المنظمات المرشحة للتعاون معها تُظهر إشارات مبكرة تدل على امتلاكها القدرة اللازمة لنمو أثرها واستدامته على المدى الطويل.
وتقول موراكادي: "ليس بين المنظمات التي نعمل معها أية منظمة لا تمتلك خطة عمل رسمية، فالاستدامة هي الركيزة الأساسية لنهجنا في العمل".
فقد كان بن حليم على قناعة بأن على الفنار التكيف مع نهج القطاع الخاص إذا كانت ترغب بالعمل ضمن إطار يحتل فيه الأثر أهمية تفوق أهمية تحقيق الإيرادات. فمثلاً، تولي الفنار لدى تقييمها للجهات التي تستثمر بها أهمية كبرى لعامل "الانتشار ضمن المجتمعات المهمشة" وتفضله على عامل "الانتشار الكلي".
حدد "الفرص غير المستغلة" في القطاع حيث يمكن لدعمك إحداث أكبر أثر ممكن
اكتشفت الفنار وجود ثغرة غير مستغلة في مشهد تمويل الأعمال الخيرية في العالم العربي. فقد كان عدد المتبرعين الذين يقدمون رأس المال القادر نسبياً على تحمل المخاطر للمؤسسات الاجتماعية التي في طور النمو قليلاً جداً، إن وجدوا أصلاً. وبفضل معرفة بن حليم بكيفية معالجة المنظمات الخيرية الاستثمارية لمثل تلك الثغرات في بلدان أخرى، قام بإدخال هذا النهج إلى الدول العربية.
وتتبنى الفنار آلية انتقاء واضحة لمن تستثمر بهم بهدف تفادي الدخول في شراكة مع المنظمات التي تعمل خارج الإطار المناسب لها – بما فيها المشاريع الناشئة وتلك الناضجة – ولا تدعم سوى المشاريع الاجتماعية التي في طور النمو والتي لا تتلقى الدعم من العديد الممولين الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الفنار إلى اكتشاف تلك المنظمات التي يمكن أن تستفيد بالحد الأقصى من تمويلها ودعمها المميزين. فعلى سبيل المثال، وضع فريق عمل الفنار في مصر مؤخراً، وبتمويل من شركة سوديك، مخططاً للمنظمات التي تركز اهتمامها على التعليم والتي تلائم نموذج عمل الفنار بالشكل الأمثل.
عزز قدرة المنظمات على النمو إلى جانب توفير التمويل لها
أدركت الفنار أن الأولوية يجب أن تكون للتمويل، لكنها كانت تعلم أيضاً أن المنظمات الواعدة بحاجة إلى الدعم في ميادين حيوية أخرى. ولذلك خصصت جزءاً كبيراً من وقت فريق عملها للعمل عن كثب مع متلقي الاستثمار، وتزويدهم بالتوجيه والإشراف والدعم في مجال تخطيط الأعمال وربطهم مع خبراء من الخارج في مجالات كالمحاسبة وتوزيع المنتجات. ويقول مصطفى فرحات، المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة "نفهم" التي أنهت فترة الاستثمار: "كان فريق عمل الفنار شديد الفعالية منذ البداية. إنهم شركاء حقيقيون، لا مجرد مستثمرين".
ولمعالجة بعض التحديات الشائعة في مجال بناء القدرات، وضعت الفنار برنامجها ASSET لتدريب المنظمات على مجموعة معيارية من القضايا المؤسسية الخاصة برواد العمل الاجتماعي.
استثمر في التوجيه والإرشاد وفي الأدوات التي تساعدك على تقييم الأثر
يقوم جوهر نموذج عمل الفنار على الإيمان بأن المراقبة والتقييم يقودان إلى تحقيق أثر واستدامة أكبر. غير أن العديد من مؤسسات العمل الاجتماعي في المنطقة غير مجهزة لإجراء تقييمها الذاتي. ولذلك تزود مؤسسة الفنار المنظمات بالأدوات والتوجيه اللازمين لدعم وتعزيز عمليات مراقبة الأداء، وإعداد التقارير، وبناء قواعد البيانات. فعلى سبيل المثال، تزود الفنار متلقي الاستثمار كافة بتطبيقات مخصصة وتتيح لهم الوصول إلى منصة لتكنولوجيا الأعمال من أجل جمع البيانات وتحليلها. وانطلاقاً من عمل المؤسسة القائم على تقييم الأثر، فإنها تسعى أيضاً إلى مساعدة متلقي الاستثمار في تحسين تصميم البرامج وتطبيقها، تماماً كما فعلت مع مؤسسة "نفهم" بهدف إدخال التحسينات على منصتها التعليمية الالكترونية.
عاش طارق بن حليم، المنحدر من أصول فلسطينية وليبية، في المملكة المتحدة لفترة طويلة من حياته. درس العلوم المالية في جامعة وارويك وحصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد. تميز بن حليم بمسيرة عمل ناجحة كمصرفي استثماري في شركة جي بي مورغان، وبنك كريديت سويس فيرست بوسطن، وأخيراً في شركة جولدمان ساكس، حيث ترقى إلى منصب مديرها التنفيذي. وفي عام 2004، ترك بن حليم مساره المهني في القطاع المصرفي ليُطلق مؤسسة الفنار ويُسهم في إحداث تغيير في العالم العربي. وعلى الرغم من وفاته في عام 2009، إلا أن إرثه لا يزال مستمراً من خلال مؤسسة الفنار.
أصبحت لبنى بنت سليمان العليان رئيسة مؤسسة الفنار بعد وفاة بن حليم وقادتها نحو تحقيق نمو كبير. والعليان المولدة في السعودية هي الرئيس التنفيذي السابق وعضو مجلس الإدارة الحالي لشركة العليان المالية التابعة لمجموعة العليان السعودية وشركتها القابضة. وفي عام 2019، تم تعيينها رئيساً لمجلس إدارة البنك السعودي البريطاني (ساب) لتصبح بذلك أول امرأة سعودية تترأس مصرفاً. تشغل العليان أيضاً منصب عضو مجلس إدارة شركة شلمبرجير منذ عام 2011، وكانت حتى عام 2020 عضو مجلس إدارة شركة معادن، وهي شركة مساهمة عامة سعودية تعمل في قطاع التعدين. والعليان عضو أيضاً في العديد من المجالس الاستشارية الدولية من بينها بنك أكبانك، وأليانز للتأمين، وماكينزي أند كو، وبنك أوف أميركا ميريل لينش. بالإضافة إلى ذلك العليان عضو في مجلس أمناء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومجلس الأعمال الآسيوي.
تم نشر هذا المحتوى لأول مرة عام 2020 من قبل ’مشروع انسبايرد‘، وهو عبارة عن مجموعة من مقابلات الفيديو ودراسات الحالة المستمدة من لقاءات مع رواد عطاء متميزين ومؤسسات خيرية رائدة في العالم العربي. وقد حصل ’مشروع انسبايرد‘ على الدعم من مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، وتم إنتاجه مع شركاء المعرفة: ’مجموعة بريدج سبان‘ و’زمن العطاء‘.
It's a good idea to use a strong password that you're not using elsewhere.
Remember password? Login here
Our content is free but you need to subscribe to unlock full access to our site.
Already subscribed? Login here