مكافحة الجوع في مصر
بعد إطلاق بنك الطعام المصري في عام 2006 من أجل القضاء على الجوع في جميع أنحاء مصر، انتشر نهجه المبتكر في تقديم المساعدات الغذائية في 30 دولة حول العالم
بعد إطلاق بنك الطعام المصري في عام 2006 من أجل القضاء على الجوع في جميع أنحاء مصر، انتشر نهجه المبتكر في تقديم المساعدات الغذائية في 30 دولة حول العالم
تأسس بنك الطعام المصري عام 2006 بهدف القضاء على الجوع في جميع أنحاء مصر. غير أن نهجه المبتكر في تقديم المساعدات الغذائية ومعالجة الأسباب الجذرية للجوع قد انتشر في 30 دولة حول العالم. أسس تم تأسيس البنك كمنظمة غير ربحية من قبل رجل الأعمال ورائد العطاء المصري الدكتور معز شهدي. البنك يعمل على مكافحة الجوع مباشرة من خلال توزيع الطعام، وسيساهم أيضاً في معالجة الأسباب الجذرية للجوع مثل الفقر ونسبة البطالة العالية. تتضمن مجالات التركيز لهذا المنظمة إعادة استخدام الطعام الزائد من الفنادق والمطاعم كمساعدات غذائية؛ التحركات الترويجية حول تقليل هدر الطعام؛ تدريب المهارات وتوظيف المستفيدين لتقليل اعتمادهم على المساعدات الغذائية؛ بناء القدرات للمنظمات غير الحكومية الشريكة؛ وبرامج التطوع.
استخدم مختلف أصولك. استثمر في المواقع التي يمكنك توظيف خبرتك وشبكة علاقاتك فيها.
حدد أهدافاً واضحة. استثمر الكفاية من الوقت خلال المراحل المبكرة لتوثيق البرنامج وإعداده للنمو.
تعلم وتطور باستمرار. حافظ باستمرار على عملية الرصد والتعلم والتطوير خلال جميع مراحل نمو المشروع.
تحد المفاهيم السائدة. استثمر في تغيير السلوكيات لضمان بقاء الأثر طويلاً.
أصبح مألوفاً اليوم في مصر أن تقدم المطاعم والفنادق الطعام على شكل بوفيه متعدد الأصناف. لكن الدكتور معز الشهدي، رائد العطاء المصري ورئيس منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى مجموعة فنادق "ستايل" العالمية، يعلق على هذه الممارسة بقوله: "يسكب زبائن هذه الفنادق والمطاعم تلالاً من الطعام في أطباقهم، رغم أنهم لا يأكلون بنهاية الوجبة أكثر من 30 إلى 40 بالمئة من هذا الطعام. أما الباقي فيرمى كنفايات".
قد لا تبدو الكمية الفائضة شيئاً يذكر، لكن تراكم المئات والآلاف من مثل هذه الأطباق كل يوم يجعل الفرق كبيراً. وحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن معدل هدر الطعام حول العالم يقارب 30 بالمئة من مجمل الطعام. وفي العالم العربي يتم هدر نحو 34 بالمئة من الطعام بعد تناول الوجبات مباشرة، عندما ترمى بقايا الطعام من الأطباق في النفايات.
أمضى الشهدي حياته المهنية في قطاع السياحة والفنادق، لذا عندما يرى كيف يتخلص عمال المطاعم من بقايا الطعام، يشعر بعدم الارتياح على مستويين. فمن جهة تمتلئ حاويات الفنادق والمطاعم ببقايا الطعام، ومن جهة أخرى عندما يسير في شوارع القاهرة كان يرى الجوع في وجوه العديد من الناس. ووفق إحصاءات برنامج الأغذية العالمي هناك نحو 15 مليون مصري لا يحصلون على ما يكفي من الغذاء الصحي ليحافظوا على عافيتهم.
الأخطر من هذا أن حالة الجوع لا تهدد الحياة في مصر اليوم فقط، بل في المستقبل أيضاً، وذلك لأن كل طفل من أصل خمسة أطفال تقريباً يعاني من حالة سوء تغذية مزمنة - ما يؤدي إلى إعاقة النمو عقلياً وجسدياً بشكل لا يمكن عكسه. وما يدعو إلى القلق أيضاً هو التبعات الأخرى لحالة الجوع، فعندما لا تتمكن الأسرة من الحصول على لقمة العيش يضطر الأولاد إلى أن يتركوا المدرسة للحصول على عمل.
وأثر هذا واضح في أفقر مناطق وأحياء مصر، حيث تصل نسبة الأطفال الذين لم تطأ أقدامهم المدرسة بتاتاً نحو 20 بالمئة من مجمل أعداد الأطفال. والتخلي عن الدراسة بدوره يعزز دوامة الفقر والجوع.
عندما بدأت أزمة الأمن الغذائي تتفاقم في مصر عام 2005 ، لم يكن يوجد فيها أية بنوك للطعام للتخفيف من معاناة الأعداد المتزايدة من السكان الذين يرزحون تحت وطأة الجوع. ناقش الدكتور معز الشهدي حينها الأزمة مع مجموعة من الأصدقاء والأقارب، ويقول: "تساءلنا قائلين ‘لماذا لا نأخذ المبادرة ونضع حلاً للمشكلة؟’" فكانت النتيجة التي توصلوا إليها هي أنهم يمتلكون بالفعل الموارد المالية ومهارات إدارة الأعمال المطلوبة، وشبكة العلاقات اللازمة للتصدي لمشكلة الجوع في مصر.
وكونهم قد شهدوا بأنفسهم حالة هدر الطعام، من جهة، وحالة الجوع والعوز، من جهة أخرى، استنتج الشهدي ورفاقه بأنهم بحاجة إلى مقاربة جديدة ومبتكرة للتعامل مع هذا التحدي المزدوج.
تبنّى بنك الطعام المصري نموذج عمل قائم على ستة محاور، أو مجموعات من الأنشطة المترابطة مع بعضها البعض.
1. برامج الإطعام. يعمل بنك الطعام على جمع الطعام، والذي يأتي معظمه من الفنادق والمطاعم. وقد أعد البنك تطبيقاً حاسوبياً (اسمه "مصر خالية من الهدر") يمكنه من خلاله الاتصال بأقرب منظمة غير حكومية مشاركة لاستلام ونقل الطعام الفائض. تعمل حينها المنظمات المشاركة على توزيع الطعام على الأفراد والأسر غير القادرين على العمل (كبار السن، أسر أصيب عائلها بمرض مزمن أو عجز أو إعاقة تمنعه عن العمل، النساء المعيلات، والأيتام). ويتم تقديم الأطعمة الساخنة إلى المنظمات المحلية، مثل مطابخ الحساء الخيرية، ودور الأيتام، والملاجئ، أما الأغذية غير القابلة للتلف فيتم تعليبها وتوزيعها شهرياً. ويوفر البنك برامج إطعام أخرى مثل الطرود الغذائية الشهرية والتغذية المدرسية.
2. برامج التنمية وبناء القدرات. تعمل المنظمات غير الحكومية الشريكة على تحديد الأشخاص العاطلين عن العمل أو الذين يندرجون تحت خانة "البطالة المقنعة" (مثل العمل الجزئي) القادرين على العمل بشكل كامل. ويتم توفير الطعام لهؤلاء الأشخاص على المدى القصير ريثما يتم تدريبهم على المهارات وإيجاد فرص عمل لهم. ولتحقيق هذا الهدف بنى بنك الطعام المصري علاقات مع الشركات المحلية بغرض التعرف عن كثب على حاجاتهم من العمالة، إن كان من جهة الصفات التي يرغبونها في موظفيهم أو أنواع التدريب والمهارات التي هم بحاجة لها. وتعمل بنوك الطعام بعد ذلك على البحث عن المرشحين المناسبين ضمن قاعدة بياناتها لتوفر لهم التدريب المطلوب وتهيئتهم للحصول على الوظائف الشاغرة.
ويقول الشهدي: "مثلما هو الحال في دول أخرى فإن نظام التعليم في بلدنا لم يلب بحاجات سوق العمل. لذا نعمل نحن على سد هذه الثغرة لتلبية احتياجات السوق."
على سبيل المثال، شارفت امرأة وأسرتها يعيشون في أحد الأحياء المهمشة في القاهرة على الجوع. وقد أصبحت هذه السيدة المعيلة الرئيسية لأسرتها المكونة من زوج وطفلين، بعد أن تم تشخيص زوجها بمرض السرطان. ومنذ العام 2008 تستلم هي وأسرتها عبوة من الأغذية مرة في الشهر عن طريق جمعية منشية نصر للنساء، وهي إحدى شركاء بنك الطعام المصري. كما شاركت السيدة في برنامج بناء القدرات التابع للبنك، ما منحها الفرصة لكسب العيش.
وتقول السيدة: "ساعدني بنك الطعام المصري بمنحي ماكينة خياطة وقماش، فتمكنت من الخياطة وكسب المدخول."
3. رفع مستوى أداء المنظمات غير الحكومية الشريكة. يعمل بنك الطعام المصري على تنسيق عمل المنظمات الشريكة والمساعدة في تطويرها، فيوفر لها التدريب على المهارات والنفاذ إلى قاعدة بيانات المشاركين في البرنامج. كما يضع البنك أيضاً الإجراءات الكفيلة بتحقيق الفعالية في التعامل مع تبرعات الطعام. على سبيل المثال، خلال شهر رمضان تفوق تبرعات الإطعام الاحتياج، بينما يكون هناك نقص في الكميات خلال باقي أشهر السنة. فلجأ بنك الطعام المصري إلى حل مبتكر وهو تعليب وتخزين الأغذية، خاصة اللحوم، المتبرع بها ليتم توزيعها شهرياً على باقي أشهر السنة، وهكذا أصبحت الأسر المشاركة تحصل على كميات ثابتة من الطعام.
4. برامج التوعية بعدم هدر الطعام. يعتمد نموذج عمل بنك الطعام المصري على مفهومين: أولاً، التقليل من هدر الطعام؛ وثانياً، إعادة توزيع الطعام الفائض غير الملموس. ويتطلب تطبيق هذين المفهومين من بنك الطعام القيام بالمهام التالية:
ويقول الشهدي: "تمكنا من إقناع وزارة التربية والتعليم بأن تضيف مادة على الكتب المدرسية لطلاب الصف الثالث الابتدائي تحتوي على شرح حول الحد من هدر الطعام، ومفهوم التطوع، وغيره. بهذا الأسلوب نستطيع أن نغير المستقبل."
5. برامج التطوع. يجتذب بنك الطعام المصري المشاركة من قبل العائلات، والشركات، والجامعات، والشباب المتطوعين من أجل دعم عملياته. وتشمل الخدمات التي يقدمها المتطوعون تدريب الشباب وتأهيلهم للوظائف، وجمع التبرعات لصالح بنك الطعام المصري، والمشاركة في تعبئة الطعام وتوزيعه، فضلاً عن زيارات ميدانية للمساهمة في ضبط الجودة لدى المنظمات المشاركة. ويبلغ اليوم عدد المتطوعين في برامج بنك الطعام المصري نحو 64,000 شخص منتشرين في مختلف أنحاء مصر، من بينهم طلاب وأفراد من مختلف الفئات والأعمار والخلفيات.
6. الاستثمار لضمان الاستدامة. يستثمر بنك الطعام المصري في مشاريع هادفة للربح بغرض المساهمة في تمويل عملياته وضمان استمراريتها. تشمل هذه المشاريع مزارع التسمين، ومصنعاً للتعبئة والتغليف، أراضٍ للمنتجات الزراعية، وغيرها. وعلى الرغم من أن العائدات من هذه الاستثمارات تشكل حالياً 15 بالمئة فقط من مجمل التبرعات المالية، إلا أن مساهماتها تتنامى.
ويوضح الشهدي قائلاً: "إحدى الأمور التي نظرنا فيها هو كيف يمكننا أن نجعل نموذج عملنا مستداماً أكثر، لأنه لا يجب على المؤسسات الأهلية الاعتماد كلياً على الهبات وجمع التبرعات."
عمل شبكة بنوك الطعام الإقليمية على الترويج لاتباع نموذج عمل بنك الطعام المصري ونشره في المنطقة. الالتزام بالمحاور الستة للنموذج هو عنصر أساسي في مقاربة الشبكة لدى كل بنك طعام يطبق النموذج ضمن أعضاء الشبكة.
لكن هذا الالتزام العام بالمحاور يسمح لبنوك الطعام الأعضاء ببعض المرونة من جهة تحديد الأولويات في المحاور أو التركيز على محور أكثر من غيره، بما تتطلبه الحاجة والظروف الخاصة بالبيئة المحلية في كل بلد. وتقدم شبكة بنوك الطعام الإقليمية كل سبل الدعم الضرورية لبنوك الطعام الأعضاء، خاصة خلال فترة تأسيسها وانطلاقها، وتشمل:
عند نشر نموذج العمل في بلد جديد، تعمل شبكة بنوك الطعام الإقليمية على التحقق من المنظمات (سواء كانت جهات ناشئة جديدة أو بنوك طعام قائمة) الراغبة بتنفيذ البرنامج في دول جديدة، وتقديم الدعم لها. فتقوم بعد ذلك بتدريب طاقم موظفي الأعضاء الجدد في الشبكة على المحاور الستة لنموذج العمل ومساعدتها على عقد شراكات مع المنظمات غير الحكومية والشركات.
تستخدم بنوك الطعام المنتسبة للشبكة، وكذلك المنظمات غير الحكومية الشريكة لها، قاعدة بيانات مشتركة لتتبع تقدم كل شخص يتم ضمه إلى البرنامج، وفق مجموعة من المقاييس المعتمدة، مثل تطور حالته الوظيفية مع الزمن. وتشارك بنوك الطعام الأعضاء هذه المعلومات مع المكتب المركزي لشبكة بنوك الطعام الإقليمية الذي يعمل على رصد الشبكة بأكملها.
تنجز شبكة بنوك الطعام الإقليمية وتدير برامج الرعاية من قبل الشركات الوطنية المتعددة الجنسيات في المنطقة. وهؤلاء الشركاء من أمثال "السويدي إليكتريك" و"أوراسكوم ديفيلوبمنت" و"اتصالات" و"بيبسيكو" و"كيلوجز" و"مايكروسوفت" و"نستله"، يتبرعون بالطعام ومساهمات عينية (مثل التطوع بساعات عمل الموظفين، أو الدعم التسويقي)، وتدريب المرشحين وتوظيفهم، فضلاً عن التمويل المباشر.
خلال العقد الأول منذ تأسيسه، تحديداً بين عامي 2006 و2016، حقق بنك الطعام المصري نتائج مهمة في مصر:
خلال سعيه لتحقيق هذه النتائج كان على بنك الطعام المصري أن يتغلب على بعض المصاعب في سنواته الأولى، شملت سوء الفهم حول نموذج عمله في توفير الطعام. فالبعض مثلاً ادعى أن البنك كان يعطي المحتاجين من فضلات طعام الزبائن. لاحظ الشهدي مع رفاقه وفريق عمله أن عليهم بذل مجهود أكبر لإطلاع الجمهور على مسألة هدر الطعام، ونهج البنك بأن يحافظ على الطعام السليم بكل مسؤولية وتوزيعه على المحتاجين. لذا أصبحت التوعية جزءاً أساسياً من عمل بنك الطعام.
من ناحية أخرى، فرضت الظروف العامة على الشهدي بأن يعدل في الجدول الزمني لمشروعه، فاستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في مصر زادت من صعوبة تخطي المهمشين حالة الفقر التي يعانون منها. وتشير الإحصاءات إلى أنه بين عامي 2005 و2015، زاد معدل الفقر في مصر من 20 بالمئة إلى 27.8 بالمئة. كما أن قطاع السياحة تباطأ كثيراً، ما جعل الفنادق والمطاعم غير قادرة على المساهمة بذات المستوى من الطعام الفائض.
ويقول الشهدي: "كنت أريد أن أنهي الجوع في مصر بحلول العام 2020. لكن عام 2011 غير الوضع الاقتصادي على عدة أصعدة، وأثر سلباً على خططنا. الآن أظن أننا سنحقق هدفنا في العام 2030."
ووجه الشهدي فريق عمله لإعادة تحديد أولويات الاستثمار بهدف تلبية الحاجة الأكثر إلحاحاً حينها، وهي دعم برامج توفير الطعام للمحتاجين. ويواصل الشهدي تطوير المشاريع وتعديلها ضمن كل محور للتعامل مع الاحتياجات المتغيرة.
من جهة أخرى، حققت خطط التوسع خارج مصر أيضاً تقدماً كبيراً. فاليوم تضم شبكة بنوك الطعام الإقليمية 33 عضواً في 30 بلداً. وهذا التوسع كان غالباً مدفوعاً بالطلب على نموذج عمل بنك الطعام المصري من قبل الدول التي تبدي رغبتها فيه، واستجابة شبكة بنوك الطعام الإقليمية بقبولها الشراكة والمساعدة في تحقيق الطلب.
لكن التوسع خارج مصر لم يكن دائماً بالأمر السهل. ففي بعض الدول لاقت الشبكة صعوبة كبيرة في محاولتها تحديد الشركاء الذين تتواءم قيمهم ودوافعهم مع نموذج المحاور الستة. كما شكلت الصراعات وحالة عدم الاستقرار السياسي تحدياً آخر، قوض المحاولات الأولى لدخول الشبكة إلى بعض الدول الجديدة، ما اضطرها لإعادة المحاولة مجدداً. من ناحية أخرى، فإن محاولة فهم كيفية تطبيق وتحديد أولويات المحاور ضمن سياقات متفاوتة كثيراً كانت أيضاً شأناً صعباً، يتطلب وقتاً أطول ــ وفي بعض الأحيان تستدعي الحاجة العودة للمانحين لطلب تعديل في مواقع الدعم؛ على سبيل المثال أنواع مختلفة من التبرعات الغذائية. وقد ساعدت هذه التجربة بدورها الشهدي وفريقه على تعلم أمور جديدة وتطوير نهجهم.
وتخطط شبكة بنوك الطعام الإقليمية لنقل نموذج عملها إلى جنوب السودان وليبيا والمغرب وتشاد والكونغو ومالي وغينيا وجيبوتي وعُمان ومدغشقر ونيبال وزمبابوي وموريشيوس وبوتسوانا ورواندا وبنين وألبانيا وليبيريا بنهاية عام 2020. وتقول نافع: "نحن نحاول التوسع قدر الإمكان في مختلف أنحاء المنطقة - في الشرق الأوسط، وأفريقيا، وجنوب آسيا."
استثمر في المواقع التي يمكنك توظيف خبرتك وشبكة علاقاتك فيها
كانت المعرفة القوية التي كونها الشهدي في قطاع الفنادق سنداً كبيراً له في تصميم نموذج عمل بنك الطعام المصري. فعلى سبيل المثال، كان يدرك أن خبرته ستساعده في تطوير مقاربة واقعية تجاه مسألة هدر الطعام؛ كما أنه قادر من خلال دوره القيادي في القطاع على التأثير في المعايير المتبعة لإدارة الفضلات في الفنادق. وكرس الشهدي وقتاً طويلاً لتحقيق هذه الأمور. وهو لا يزال لغاية اليوم يستعين بشبكة علاقاته في قطاع الأعمال سعياً للتمويل والتبرعات، وأيضاً لحث الفنادق على القبول بالتغييرات التنظيمية. كما لا يزال رفاق الشهدي المؤسسون أعضاءً فاعلين في مجلس إدارة بنك الطعام المصري، ويستخدمون علاقاتهم لجذب التمويل لأنشطة البنك.
استثمر الكفاية من الوقت خلال المراحل المبكرة لتوثيق البرنامج وإعداده للنمو
وجه الشهدي فريقه منذ البداية لتخصيص الوقت من أجل توثيق برامج وعمليات بنك الطعام لتسهيل إعادة تطبيقها في مكان آخر. ومن ضمن أوائل المهام لدى بنك الطعام المصري كان إعداد دليل "قواعد الحفاظ على سلامة الطعام عند التعامل مع الطعام المطهي" بغرض إعادة استخدامه. من جهتها، عملت شبكة بنوك الطعام الإقليمية على إعداد دليل تشغيلي يوضح الخطوات المتبعة لتطبيق نموذج الستة محاور، الذي يتم استخدامه في تدريب الكوادر من البنوك الأعضاء الجدد.
وتوضح مارسيلا لمبيرت، التي ساعدت على نقل نموذج عمل البنك إلى المكسيك، بقولها: "وفرت لنا شبكة بنوك الطعام الإقليمية العديد من المواد التي جعلت تنفيذنا للبرنامج. لقد قمنا بترجمة وتطبيق دليل الفنادق والمطاعم في المكسيك منذ عام 2014، ونقوم باستعادة الطعام من المطاعم والفنادق في العديد من المدن."
حافظ باستمرار على عملية الرصد والتعلم والتطوير خلال جميع مراحل نمو المشروع
شعر الشهدي بأنه من الضروري اتباع نهج الأعمال التجارية في إدارة بنك الطعام المصري، ضمن مقاربة تعتمد على المعلومات والبيانات. فوضع الآليات المطلوبة لتتبع مخرجات الأنشطة وإجراء التحسينات الدقيقة على نموذج العمل حسب الحاجة.على سبيل المثال، تم الاتفاق على أن تستخدم جميع المنظمات الأهلية الشريكة قاعدة بيانات واحدة لتتبع الأنشطة المتعلقة بالمستفيدين، ما يوفر لبنك الطعام المصري إمكانية الاطلاع على النتائج، والتأكد من أن نموذج العمل يلبي الاحتياجات المحلية. كما تمكن بيانات المخرجات شبكة بنوك الطعام الإقليمية من متابعة تقدم العمل في جميع بنوك الطعام الأعضاء، والبالغ عددها 33 بنكاً.
بطبيعة الحال، يعد السياق المحلي دائم التطور، ما يحتم على البنوك الاستجابة والتغير باستمرار. فعندما تأسست بنوك الطعام الأعضاء في الشبكة في لبنان والأردن كانت تركز على برامج بناء القدرات، التي تعنى بتطوير المهارات ومطابقة المرشحين مع فرص العمل المناسبة. لكن مع تدفق مجموعات كبيرة من اللاجئين إلى هذين البلدين في الأعوام الأخيرة، تغيرت الأولوية من بناء القدرات إلى إطعام الجائعين.
استثمر في تغيير السلوكيات لضمان بقاء الأثر طويلاً
لكي يتمكن بنك الطعام المصري من إيجاد حل مستدام لمشكلة الجوع، أدرك الشهدي أنه لا بد من الاستثمار في تغيير العقليات وسلوكيات الناس. ويعمل البنك على توعية المستهلك حول الدور المهم الذي يمكن أن يلعبه في خفض كميات الطعام المهدرة من خلال تجنب سكب كميات من الطعام تزيد عن حاجته. كما يعمل البنك على لفت نظر إدارات الفنادق والمطاعم إلى أن الطعام المتبقي في المطابخ والذي لم يلمسه الضيوف هو ليس بفضلات بل أنه مورد لا يجب إهداره.
ويتحدث الشهدي عن دهشته خلال السنوات الأولى من إطلاق أنشطة البنك عندما رأى سرعة الاستجابة لدى الفنادق في تعديل ممارساتها وتعاونها مع جهود البنك. فيقول: "كنا في البداية ندفع المكافآت لعاملي الفنادق لقاء عملهم الإضافي في تعبئة الطعام وتغليفه وتسليمه للمنظمات المشاركة. لكن خلال بضعة شهور بدأت إدارات الفنادق تطلب منا أن نرسل لها فواتير شراء العلب والحاويات وتعلمنا بأنها ستدفع لقاء أجور العمل الإضافي. وهكذا بدأنا بالفعل نغير المفاهيم والثقافات، وأصبح هذا العمل جزءاً من المسؤولية الإجتماعية للفنادق".
من خلال تغيير عقلية المستهلكين والموردين، فضلاً عن تغيير عقلية أولئك الذين هم بحاجة للطعام، زاد بنك الطعام المصري من احتمالية أن تترك مقاربته أثراً طويل الأمد على إدارة الطعام واستهلاكه.
تم نشر هذا المحتوى لأول مرة عام 2020 من قبل ’مشروع انسبايرد‘، وهو عبارة عن مجموعة من مقابلات الفيديو ودراسات الحالة المستمدة من لقاءات مع رواد عطاء متميزين ومؤسسات خيرية رائدة في العالم العربي. وقد حصل ’مشروع انسبايرد‘ على الدعم من مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، وتم إنتاجه مع شركاء المعرفة: ’مجموعة بريدج سبان‘ و’زمن العطاء‘.
It's a good idea to use a strong password that you're not using elsewhere.
Remember password? Login here
Our content is free but you need to subscribe to unlock full access to our site.
Already subscribed? Login here