تعهدت جهات مانحة عالمية بتقديم ما مجموعه 777.2 مليون دولار للمساعدة في مكافحة أمراض المناطق المدارية المهملة والقضاء عليها واستئصالها خلال فعاليات منتدى بلوغ الميل الأخير لعام 2023.
وقامت مبادرة بلوغ الميل الأخير، وهي مبادرة صحية عالمية تدعمها الأعمال الخيرية لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بالشراكة مع مؤسسة بيل وميليندا غيتس، باستضافة هذه الفعالية الرفيعة المستوى خلال "يوم الصحة" الذي أقيم ضمن فعاليات مؤتمر الأطراف (COP28).
وتعهدت كل من مبادرة بلوغ الميل الأخير ومؤسسة غيتس بمبلغ200 مليون دولار ليرتفع حجم صندوق بلوغ الميل الأخير من 100 مليون دولار إلى 500 مليون دولار.
وستؤدي هذه الزيادة إلى تعزيز قدرة الصندوق على الوصول إلى المناطق المتأثرة من سبعة دول فقط في الوقت الحالي إلى 39 دولة في مختلف أنحاء أفريقيا فضلاً عن اليمن، وذلك من أجل القضاء على اثنين من أمراض المناطق المدارية المهملة، وهما داء الفيلاريات اللمفاوية وداء كلابية الذنب (العمى النهري) في قارة أفريقيا.
وجاءت المساهمات الإضافية من دول مثل سيراليون، وجهات مانحة شريكة مثل مركز كارتر، ومؤسسة سايت سيفرز Sightsavers، والصندوق العالمي لاستثمارات الطفولة، وصندوق هيلمزلي الخيري The Helmsley Charitable Trust، وصندوق إنهاء الأمراض المهملة The END Fund، وشركة أبوظبي الوطنية للتأمين.
وتتسبب أمراض المناطق المدارية المهملة بالعمى والإعاقة والتشوهات للمصابين بها، مما يبقي الأطفال خارج مقاعد الدراسة والبالغين عاطلين عن العمل ويوقع الأسر في براثن الفقر. وعلى الرغم من التأثير المدمر لهذه الأمراض، إلا أنه يمكن الوقاية من معظمها أو علاجها.
وقال بيل غيتس، الرئيس المشارك لمؤسسة بيل وميليندا غيتس، الذي حضر لحظات التعهد في الجلسة العامة لمؤتمر الأطراف (COP28): "يرتبط تغير المناخ ارتباطاً وثيقاً بالفقر والأمراض التي تؤثر على ملايين البشر".
وأضاف غيتس أنه "لهذا السبب يعد تمويل الرعاية الصحية المنقذة للأرواح أمراً بالغ الأهمية، وهو ما دفعنا للانضمام إلى الشركاء العالميين لنرتكز معاً على التقدم الهائل الذي حقّقه صندوق بلوغ الميل الأخير حتى الآن، وتسريع مسيرة القضاء على داء الفيلاريات الليمفاوية ومرض العمى النهري في جميع أنحاء أفريقيا وخارجها".
"يرتبط تغير المناخ ارتباطاً وثيقاً بالفقر والأمراض التي تؤثر على ملايين البشر".
بيل غيتس، الرئيس المشارك لمؤسسة بيل وميليندا غيتس
من جهته، قال الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مكتب الشؤون التنموية في ديوان الرئاسة بدولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يشرف على مبادرة بلوغ الميل الأخير: "نؤكد من جديد تعهدنا بالقضاء على أمراض الفقر هذه، وإنقاذ المزيد من الأرواح وتحسين حياة الناس في جميع أنحاء العالم. إنَّ تغير المناخ يؤثر بالفعل في أنماط تفشّي الأمراض المعدية، وبات يهدِّد المكاسب الهائلة التي حققتها الدول حتى الآن في مكافحة تلك الأمراض".
وأضاف أن "صندوق بلوغ الميل الأخير يمثّل إضافةً مهمةً إلى جهود مكافحة اثنين من الأمراض المدارية المهملة والقضاء على التهديد الذي تشكله على المجتمعات في جميع أنحاء أفريقيا والوصول إلى عالم أكثر صحة".
وقد قدم الصندوق منذ انطلاقه في عام 2017 أكثر من 100 مليون علاج، كما قام بتدريب 1.3 مليون عامل صحي، وأنشأ تسعة مختبرات لدعم جهود الترصد وإجراء الاختبارات الخاصة بأمراض المناطق المدارية المهملة.
فضلاً عن ذلك، لعب الصندوق دوراً فائق الأهمية في الحد من انتقال مرض العمى النهري في النيجر، ليحقق بذلك إنجازاً كانت الأوساط العلمية تعتبره مستحيلاً في أفريقيا. وكذلك الحال في السنغال، التي ساعدها الصندوق على الاقتراب من تحقيق إنجاز مماثل.
وقد شهدت فعاليات المنتدى الكشف عن التزامات جديدة بملايين الدولارات أعلنت عنها منظمات مثل مؤسسة آنسيفاد Anesvad Foundation، وشراكة البلدان الأوروبية والدول النامية في مجال التجارب السريرية Global Health EDCTP3، وصندوق يو بي إس أوبتيموس UBS Optimus Foundation، ومؤسسة إفيدنس آكشن Evidence Action، ومؤسَّسة هيلين كلر Helen Keller Intl، ومؤسسة فريد هولوز Fred Hollows Foundation، إضافة إلى الحكومتين الألمانية والبلجيكية، مما رفع قيمة التعهدات إلى أكثر من 777 مليون دولار.
وتساعد هذه التعهدات في سد فجوة التمويل اللازمة لتسريع التقدم نحو أهداف خارطة طريق منظمة الصحة العالمية التي تدعو ما لا يقل عن 100 دولة إلى القضاء على مرض واحد على الأقل من الأمراض المدارية المهملة بحلول عام 2030، مع خفض بنسبة 90 بالمئة في عدد الحالات التي تحتاج إلى علاج من تلك الأمراض.
حتى يومنا الحاضر، تمكنت 50 دولة من القضاء على مرض واحد على الأقل من الأمراض المدارية المهملة، واستغنى نحو 600 مليون شخص عن الحاجة إلى العلاج. علاوة على ذلك، فإن بعض الأمراض التي عانت منها المجتمعات على مدى عدة قرون، مثل مرض دودة غينيا ومرض النوم، وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.
مع ذلك، فإن تغير المناخ بات يؤثر على أنماط تفشي الأمراض المعدية ومدى انتشارها، بما في ذلك أمراض المناطق المدارية المهملة، ويهدد بالتالي بمحو المكاسب التي حققها العالم في القضاء على تلك الأمراض إلى جانب عرقلة مساعي التقدم في المستقبل.
وستساعد الالتزامات المرصودة في تمويل البرامج والعلاجات الأساسية، إلى جانب دعم الأبحاث والابتكارات الجديدة، وسوف تنضم إلى قائمة من الاستثمارات الأخرى التي تم رصدها لتعزيز الأنظمة الصحية وتأهيل القوى العاملة في الخطوط الأمامية لمواجهة الأمراض.
بدوره، قال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أن "هذه الشراكة، لاسيما في مواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ، تمثل بارقة أمل ودليلاً على ما يمكن تحقيقه من خلال تضافر الجهود على المستوى العالمي".
وقد شارك في منتدى بلوغ الميل الأخير لعام 2023 أكثر من 450 وزيراً حكومياً وخبيراً عالمياً في مجالات الصحة والتنمية والعمل الخيري والمجتمع المدني لاستكشاف آثار أزمة المناخ على صحة الإنسان وحشد الجهود وتكثيف المساهمات للحد منها.